يعرض هذا المستند توقعات الاقتصاد الكلي التي صاغتها شعبة البحوث في بنك إسرائيل في كانون الثاني 2024 فيما يتعلق بالمتغيرات الكلية الرئيسية – أي الناتج المحلي الإجمالي والتضخم والفائدة. وقد صيغت هذه التوقعات في ذروة حرب "السيوف الحديدية" التي اندلعت في 7 تشرين الأول 2023، بعد الهجوم الوحشي الذي شنته التنظيمات الإرهابية من غزة، وهو يشكل تحديثاً للتوقعات غير المكتملة التي نشرت في تشرين الثاني. وعلى غرار توقعات تشرين ثاني 2023، تم وضع التوقعات الحالية على افتراض أن التأثير الاقتصادي المباشر للحرب قد بلغ ذروته في الربع الرابع من عام 2023، وأنه سيستمر حتى نهاية عام 2024 ولكن بحدة متناقصة. بالنسبة لعام 2025، من المفترض أن لا تكون هناك تأثيرات كبيرة أخرى للحرب. كما نفترض أن القسم الأكبر من الحرب سيظل مقتصراً على منطقة غزة. وبطبيعة الحال، تتميز التوقعات بمستوى عالٍ جداً من عدم اليقين، من بين أمور أخرى فيما يتعلق بمدة وطبيعة الحرب في غزة وإمكانية امتدادها إلى الجبهة الشمالية، وفيما يتعلق بالقرارات التي ستتخذها الحكومة بشأن التعامل مع الميزانية من حيث الاحتياجات الأمنية والمدنية الناجمة عن الحرب.
بحسب التوقعات، من المفترض أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% في كل عام من الأعوام 2023-2024، على غرار تقديراتنا في توقعات تشرين ثاني، وبنسبة 5% في عام 2025. من المتوقع أن يصل معدل التضخم خلال العام 2024 إلى 2.4% (كما في توقعات تشرين ثاني)، بينما من المتوقع أن يصل خلال عام 2025 إلى 2%. في الربع الرابع من عام 2024، من المتوقع أن يصل سعر الفائدة إلى 3.75%/4.0%.
التوقعات
تقوم شعبة البحوث في بنك إسرائيل بإعداد توقعاتها للاقتصاد الكلي كل ثلاثة أشهر بناءً على نماذج متعددة ومصادر مختلفة للمعلومات والتقييمات التقديرية. في هذه العملية، يلعب نموذج DSGE (Dynamic Stochastic General Equilibrium) الذي تم تطويره في شعبة البحوث دورًا مركزيًا - وهو نموذج هيكلي يعتمد على مبادئ الاقتصاد الجزئي.[1] يوفر النموذج إطارًا لتحليل القوى المؤثرة على الاقتصاد ويسمح بتوحيد المعلومات من مصادر مختلفة لصياغة توقعات الاقتصاد الكلي للمتغيرات الحقيقية والاسمية، بشكل يتميز بالاتساق الداخلي والمرجعية الاقتصادية.
من أجل صياغة تقديرات للآثار الاقتصادية للحرب، تم التركيز بشكل خاص على تحليل سريع للبيانات التي تشير إلى حجم الضرر حتى الآن على مخرجات واستخدامات الفروع الاقتصادية، وكذلك على تحليل الأحداث الأمنية السابقة. وقد اعتمد التحليل على التقديرات المتعلقة بحجم الضرر الذي لحق بجانب العرض على مستوى الفروع، والذي نجم من بين أمور أخرى، عن نقص العمالة خلال فترة الحرب والقيود الأمنية على النشاط. ومن ناحية الطلب، فقد تم تحليل البيانات المتراكمة حتى الآن من أجل تقييم التأثير على الاستخدامات المختلفة. وقد تم جمع النتائج التي تم الحصول عليها في توقعات كاملة للمصادر والاستخدامات، من خلال تحليل الخطورة النسبية للقيود على الطلب والعرض في مختلف مكونات النشاط.
- البيئة العالمية
تعتمد تقييماتنا بشأن تطورات البيئة العالمية بشكل أساسي على التوقعات التي وضعتها المؤسسات الدولية ومؤسسات الاستثمار الأجنبية. بقيت الافتراضات الرئيسية المتعلقة بالبيئة العالمية مماثلة لتلك المنشورة في توقعات تشرين الثاني. بناء على ذلك، نفترض أنه على غرار توقعات تشرين ثاني، نما الناتج المحلي الإجمالي في الانظمة الاقتصادية المتقدمة بنسبة 1.3% في عام 2023، وأنه سينمو بنسبة 0.8% في عام 2024، وبنسبة 1.5% في عام 2025. بالنسبة للتجارة العالمية، نفترض أنها نمت بنسبة 1.2% عام 2023، وأنها ستنمو بنسبة 3.5% في عام 2024 وبنسبة 3% عام 2025. وتم تحديث توقعات التضخم في الانظمة الاقتصادية المتقدمة إلى 3.1% و2.3% للأعوام 2023-2024، مقابل 3.4% و2.3% في توقعات تشرين ثاني. بالنسبة لعام 2025، نفترض أن ينمو معدل التضخم بنسبة 2.2%. وتتوقع مؤسسات الاستثمار أن يصل متوسط سعر الفائدة في الدول المتقدمة إلى 3.9% في نهاية عام 2024 (على غرار توقعات تشرين ثاني) و3.1% في نهاية عام 2025. وعلى الرغم من تميزه ببعض التقلبات في الأسابيع الأخيرة، فقد كان مستوى سعر برميل النفط من نوع "برنت" مماثلاً لمستواه عند وضع التوقعات السابقة في تشرين ثاني، عند 80 دولارًا تقريباً.
- النشاط الحقيقي في إسرائيل
من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2% في السنوات 2023 و 2024، وبنسبة 5% في عام 2025. (الجدول 1)
تستند التوقعات في الجدول 1 على افتراض أن التأثير الاقتصادي المباشر للحرب على النظام الاقتصادي قد وصل ذروته في الربع الرابع من عام 2023، وأنه سيستمر خلال عام 2024 بحدة متناقصة. في عام 2025، من المتوقع حدوث انتعاش يدعم تقارب مستوى الناتج المحلي الإجمالي مع ما كان عليه خلال الأعوام 2014-2019 قبل أزمة الكورونا (الشكل 1). الضرر المتوقع على الناتج المحلي الإجمالي في عامي 2023 و2024 ناجم عن الضرر في جانبي العرض والطلب. من جانب العرض، تسبب التجنيد الواسع للخدمة الاحتياطية والإغلاق الجزئي للمؤسسات التعليمية، خاصة في أول شهرين من الحرب، في انخفاض العرض على العمالة في جميع فروع الاقتصاد. في قطاعي البناء والزراعة، يبدو الضرر جلياً خاصة من حيث عرض العمالة - في البناء بسبب القيود المفروضة على دخول العمال من يهودا والسامرة والتوقف الكامل عن تشغيل العمال من غزة، وفي الزراعة بسبب مغادرة العمال الأجانب. في هذه التوقعات، نقدر أن يستغرق حل مشكلة العرض هذه وقتاً أطول. بالإضافة إلى انخفاض العرض على العمالة، تضررت القدرة الإنتاجية في مناطق الحرب والمناطق المهددة بسبب الأضرار التي لحقت برأس المال المادي والقدرة على العمل. من جانب الطلب، نتوقع أن يستمر الدافع السلبي للمستهلكين على الأرجح في الإضرار بالطلب على الاستهلاك. كما تأثر الطلب على تصدير الخدمات السياحية (السياحة الواردة)، حيث تظهر الخبرة من الأحداث الأمنية السابقة أنه من المرجح أن يستمر هذا الضرر لفترة طويلة. من ناحية أخرى، من المتوقع في نطاق التوقعات زيادة الطلب في قطاع البناء، من بين أمور أخرى بسبب الحاجة إلى ترميم المباني. على ضوء هذه التطورات، تشير تقديراتنا إلى أن معدل البطالة الواسع في أعمار العمل الرئيسية، والذي ارتفع في الربع الرابع من عام 2023، سينخفض تدريجياً خلال عام 2024، وسيقترب من مستواه قبل الحرب خلال عام 2025[2].
بالنسبة للتطورات منذ التوقعات السابقة التي نشرت في تشرين ثاني. تشير بيانات المشتريات ببطاقات الائتمان إلى أن مستوى الاستهلاك الخاص أعلى مما افترضنا في التوقعات السابقة. علاوة على ذلك، تشير بيانات التجارة الخارجية إلى انخفاض حاد في الواردات إلى جانب انخفاض أكثر اعتدالا في الصادرات. لهذه التطورات مساهمة إيجابية في تقديرات النمو في عام 2023 وفي التقدير المتوقع في عام 2024. من ناحية أخرى، وعلى خلفية القيود المفروضة على إدخال العمال الفلسطينيين، والتي نقدر أنها ستستمر في الأرباع القادمة، سيستمر الانخفاض الكبير في حجم النشاط في قطاع البناء خلال عام 2024 أيضاً. يؤدي هذا التطور لتحديث نحو الأسفل لتوقعات نمو الاستثمار والإنتاج خلال عام 2024. خلاصة القول، من المتوقع أن توازن التغيرات في مكونات الحسابات المختلفة بعضها البعض من حيث تأثيرها على إجمالي الطلب على الناتج، بحيث لا يطرأ تغير على توقعات النمو في الأعوام 2023-2024، والتي تبلغ 2% في كل عام من هذه الأعوام، على غرار توقعات تشرين ثاني.
جدول 1
توقعات شعبة البحوث للأعوام 2023—2025
(معدلات التغير بالنسبة المئوية1، ما لم يذكر غير ذلك)
2022 |
2023 |
2024 |
2025 |
|||||
|
فعلياً |
التوقعات لعام |
الانحراف عن توقعات تشرين ثاني |
التوقعات لعام 2024 |
الانحراف عن توقعات تشرين ثاني |
توقعات عام 2025 |
||
الناتج المحلي الإجمالي |
6.5 |
2.0 |
- |
2.0 |
- |
5.0 |
||
الاستهلاك الخاص |
7.7 |
0.5- |
- |
3.0 |
1.0 |
6.0 |
||
الاستثمار في الأصول الثابتة (بدون السفن والطائرات) |
11.0 |
0.5 |
1.5- |
3.0- |
4.0- |
6.5 |
||
الاستهلاك العام (بدون الواردات الدفاعية) |
1.4 |
9.5 |
1.0 |
6.5 |
5.0 |
0.5 |
||
التصدير (بدون الماس والشركات الناشئة) |
9.6 |
0.0 |
1.0- |
0.5 |
1.0- |
5.0 |
||
الاستيراد المدني (بدون الماس والسفن والطائرات) |
12.7 |
5.5- |
2.5- |
4.0- |
5.0- |
9.5 |
||
معدل البطالة الواسع – متوسط سنوي (الأعمار 25-64) 2 |
3.6 |
|
4.5 |
0.2 |
|
5.3 |
0.8 |
3.2 |
معدل التشغيل – متوسط سنوي (الأعمار 25-64) 2 |
78.3 |
77.7 |
-0.4 |
|
76.7 |
-0.9 |
78.7 |
|
العجز الحكومي (نسبة مئوية من الناتج المحلي) |
0.6- |
4.0 |
0.3 |
|
5.7 |
0.7 |
3.8 |
|
نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي |
60.5 |
62 |
-1 |
|
66 |
- |
66 |
|
معدل التضخم3 |
5.1 |
3.3 |
0.2- |
2.4 |
- |
2.0 |
- في التوقعات الخاصة بمكونات المحاسبة القومية، تم تقريب معدل التغير إلى أقرب نصف نقطة مئوية.
- وفقاً لتعريف دائرة الإحصاء المركزية، فإن معدل البطالة الواسع يشمل العاطلين عن العمل بتعريفهم المعتاد (أولئك الذين لم يعملوا، وأرادوا العمل، وكانوا متاحين للعمل، وكانوا يبحثون عن عمل) والعاملين الذين يتغيبون عن عملهم بشكل مؤقت لأسباب اقتصادية (بما في ذلك العاملين الذين تم إخراجهم في إجازات غير مدفوعة). وبناء على ذلك، فإن معدل التوظيف المعدلة لا تشمل أولئك الذين يتغيبون مؤقتا لأسباب اقتصادية.
- متوسط مؤشر الأسعار للمستهلك في الربع الأخير من العام مقارنة بمتوسط الربع الأخير من العام السابق.
- ميزانية الدولة والسياسة المالية
تستند التوقعات إلى افتراض أن الحكومة ستقوم بإجراء تعديلات على الميزانية تصل إلى حوالي 30 مليار شيكل لتعويض الزيادة الدائمة في نفقات الدفاع والنفقات المدنية المرتبطة بالحرب وعواقبها. وبالتالي، من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بنهاية عام 2024 إلى 66 في المئة من الناتج، على أن تبدأ بالانخفاض تدريجياً بدءاً من عام 2026 (الجدول 1).
نقدر أن الأضرار التي لحقت بالنشاط الاقتصادي أدت إلى انخفاض حاد في الإيرادات الضريبية في وقت مبكر من الربع الرابع من عام 2023، وأن ذلك سيستمر طوال عام 2024 وسينخفض تدريجياً مع انتعاش النشاط. ونفترض أن النفقات الأمنية ستنخفض تبعاً لانخفاض حدة الحرب، لكن ميزانية الدفاع سترتفع في 2024-2025 بما يتجاوز تكلفة الحرب. والهدف من ذلك هو تمويل دعم دائم للجيش من حيث الأفراد والمشتريات العسكرية إلى مستويات تتجاوز ما كانت عليه قبل الحرب.[3] بالإضافة إلى نفقات الدفاع، نفترض أن تبلغ النفقات المدنية المتعلقة بالحرب حوالي 10 و5 مليار شيكل في عامي 2024 و2025 على التوالي.
بحسب تقديراتنا، حتى بعد انتهاء البرامج المرتبطة مباشرة بالحرب، فإن النفقات على الأمن وتأهيل المناطق المتضررة ومدفوعات الفوائد - ستكون أعلى بكثير من تلك التي كانت متوقعة لو لم تقع الحرب. كافتراض عملي، نعتمد على تقديرات بأن تبلغ هذه النفقات نحو 30 مليار شيكل سنويًا بدءًا من عام 2025. من ناحية أخرى، نفترض أنه خلال عام 2024 ستقرر الحكومة بالفعل تعديلات في الميزانية ستشمل تخفيض النفقات الأخرى أو زيادة الضرائب لتغطية الزيادة الدائمة في النفقات. ونفترض أن تدخل نصف التعديلات حيز التنفيذ في عام 2024، وأنها ستكتمل في عام 2025. لهذا السبب فإن ارتفاع العجز في الميزانية سيكون بسبب النفقات المؤقتة فقط. إن الحاجة إلى تعديلات الميزانية التي اقترحناها تنبع من أنه على عكس عملية إنهاء برامج المساعدات الحكومية التي تم تنفيذها خلال أزمة كورونا والتي انتهت بانتهاء الوباء، فمن المرجح أن تكون الحرب الحالية مصحوبة بزيادة دائمة في الإنفاق الحكومي. ولذلك، فإن إجراء التعديلات اللازمة للحفاظ على العجز عند مستواه الأصلي له أهمية كبيرة للتعبير عن التزام الحكومة بالحفاظ بمسؤولياتها المالية، وذلك من خلال عودة مستقبلية إلى نمط الهبوط في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في السنوات التالية للحرب.
من المتوقع أن يؤدي التأثير الإجمالي لكل ذلك في زيادة العجز في الميزانية الحكومية، والذي سيبلغ حوالي 4.0% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، و5.7% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، و3.8% في عام 2025 (الجدول 1). وعلى ضوء ذلك، من المتوقع أن يرتفع الدين العام ليصل إلى ما يقارب 62% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2023، وإلى ما يقارب 66% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية كل من عامي 2024 و2025. ومن المتوقع أن تنخفض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بشكل معتدل في السنوات التالية. في هذا السيناريو، من المتوقع أن تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 63% في عام 2030، مقارنة بنسبة 57% من الناتج المحلي الإجمالي التي شهدناها عشية الحرب.
على عكس أزمة كورونا، حيث كانت معدلات النمو غير مسبوقة في نهايتها - على خلفية التراجع الحاد في النشاط في بداية الأزمة، والتعافي السريع لجميع الانظمة الاقتصادية المتقدمة وانخفاض أسعار الفائدة التي سادت عام 2021- 2022 – فإن التوقعات للسنوات التي تلي الحرب تشمل نمواً وفقًا للاتجاه الذي ميز النظام الاقتصادي في السنوات التي سبقت الكورونا، وربما أقل من ذلك في حال كانت تأثيرات الحرب ونتائجها وتدابير السياسة التي سيتم اتخاذها دائمة على النظام الاقتصادي.
- معدل التضخم والفائدة
من المتوقع أن يصل معدل التضخم خلال عام 2024 إلى 2.4%، دون تغيير عن توقعات تشرين ثاني. إن اعتدال التضخم في نطاق التوقعات، مقارنة بتضخم عام 2023، يعكس نمطاً بدأ حتى قبيل الحرب، تحت تأثير التطورات في العالم والسياسة النقدية المحلية، كما تأثر من الارتفاع الأخير في قيمة الشيكل. بالإضافة إلى ذلك، فقد تأثر في أعقاب الحرب أيضًا الضرر الذي لحق بثقة المستهلك والطلب على الاستهلاك. ومن المتوقع أن تتم موازنة العوامل التي أدت إلى اعتدال التضخم جزئياً، خاصة على المدى القصير، نتيجة للاضطرابات في جانب العرض بسبب الحرب، وقد تنعكس هذه الاضطرابات في أسعار المنتجات والخدمات. تشمل هذه القيود الأضرار التي لحقت بعرض العمالة - بسبب التجنيد للخدمة الاحتياطية – إضافة إلى الأضرار التي لحقت بالقدرة الإنتاجية في المناطق الحدودية وتعطل سلاسل التوريد. ومع ذلك، وكما هو الحال مع التوقعات السابقة، فإننا نفترض أن يكون تأثير خفض الطلب أقوى، بحيث يكون تأثير الحرب على التضخم في نهاية المطاف محدوداً. ورغم أن توقعات التضخم ظلت دون تغيير منذ تشرين ثاني، إلا أنها تأثرت بالتطورات في اتجاهين متعاكسين: من ناحية، ارتفاع قيمة الشيكل وانخفاض التضخم عما كان متوقعا وفقاً لمؤشر تشرين ثاني؛ ومن ناحية أخرى رفع توقعات الاستهلاك لعام 2024 (جدول 1).
من المتوقع أن يصل سعر الفائدة إلى 3.75%/4.0% في الربع الرابع من عام 2024 (الجدول 2). سيساعد مستوى الفائدة خلال فترة التوقعات على استقرار الأسواق المالية ودعم الطلب المحلي.
الجدول 2 التوقعات بشأن التضخم خلال السنة القادمة وبالنسبة للفائدة بعد سنة (بالنسبة المئوية) |
|||
|
شعبة البحوث في بنك إسرائيل |
سوق رأس المال1 |
المتنبئون الخاصون2 (نطاق التوقعات) |
معدل التضخم 3 |
2.4 |
2.8 |
2.3 (1.9—2.6) |
معدل الفائدة4 |
3.75/4.00 |
3.4 |
3.6 (3.0—4.0) |
1. توقعات التضخم معدلة موسمياً (حتى تاريخ 31/12/2023). 2. التوقعات المنشورة بعد نشر مؤشر الأسعار للمستهلك لشهر تشرين ثاني 2023. 3. شعبة البحوث – في الأرباع الأربعة المنتهية في الربع الرابع من عام 2024. 4. شعبة البحوث – متوسط سعر الفائدة في الربع الرابع من عام 2024. التوقعات من سوق رأس المال مبنية على سوق تالبور (حتى تاريخ 31/12/2023). المصدر: بنك إسرائيل |
يبين الجدول 2 أن توقعات الشعبة بشأن الفائدة أعلى من توقعات السوق، وفي نفس الوقت توقعات الشعبة بشأن التضخم أقل قليلاً من توقعات السوق. وتتشابه توقعات المتنبئين بشأن أسعار الفائدة والتضخم مع توقعات الشعبة.
- المخاطر الأساسية على التوقعات
تستند التوقعات على افتراض أن الحرب ستتركز بشكل رئيسي على جبهة واحدة، ضد المنظمات الإرهابية في غزة، وأن عواقبها ستستمر حتى عام 2024 بحدة متناقصة. سيكون للتطورات المختلفة - التي ستؤثر على مدة الحرب ونطاقها - تأثير كبير بالطبع على التطورات الاقتصادية. فعلى الأخص، من المتوقع أن يكون لامتداد الحرب إلى المنطقة الشمالية، والتي تعتبر بحسب التقديرات أكثر تعقيداً من تلك الموجودة في الجنوب، تأثيرات اقتصادية أكثر خطورة. هذا الامتداد سيكون مصحوباً بالمزيد من الضرر على النمو، وكذلك باضطرابات في إمكانية الحفاظ على النشاط الاقتصادي الروتيني لفترة من الوقت، وبالتالي فقد يؤدي ذلك إلى زعزعة استقرار الأسواق والضغط على زيادة التضخم مرة أخرى. على ضوء هذا الاحتمال، فإننا نقدر أن ميزان المخاطر فيما يتعلق بتوقعات شعبة البحوث يميل نحو الانخفاض. ومن المهم عند اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية والمالية أن ندرك أن هناك احتمالاً كبيراً لحدوث مثل هذا الأمر خلال فترة التوقعات.
في المجال المالي، تنبع المخاطر التي تواجه التوقعات من عدم اليقين بشأن مدى وطريقة تمويل النفقات الحكومية. كلما قررت الحكومة زيادة الإنفاق و/أو تجنب خفض إنفاق آخر، كلما زاد توقع نمو العجز وارتفاع الديون. وفي حال اختارت الحكومة عدم إجراء تعديلات على الميزانية خلال السنوات المقبلة وارتفاع العجز الهيكلي بشكل كبير، فمن المتوقع أن تستمر نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الارتفاع حتى بعد فترة التوقعات.
من المتوقع أن يكون لهذه السياسة عواقب سلبية على النظام الاقتصادي. وقد يتجلى ذلك في زيادة رسوم المخاطر في النظام الاقتصادي وعائدات السندات، وفي انخفاض محتمل في التصنيف الائتماني، وانخفاض قيمة الشيكل، وزيادة أسعار الفائدة، وكذلك زيادة التضخم. في مثل هذه الحالة، فإن عبء مدفوعات الفائدة على الديون سيزداد أكثر خلال السنوات المقبلة، وسيضاف ذلك إلى الزيادة في النفقات الدفاعية والنفقات المدنية. أن الزيادة في أسعار الفائدة، إلى جانب الضرر الذي لحق بثقة الأسواق، من المتوقع أن تؤدي أيضاً إلى تعطيل الاستثمارات، مما سيؤدي إلى انخفاض الناتج المحتمل والنمو في السنوات التالية.
من الصعب التنبؤ بحدة رد الفعل على رسوم المخاطرة في النظام الاقتصادي الإسرائيلي، وما هي تأثيرات رد الفعل هذا على النشاط الاقتصادي. لتقييم تأثير معدلات النمو وسعر الفائدة على الدين العام، قمنا بدراسة سيناريوهات مختلفة لا تقوم فيها الحكومة بإجراء تعديلات: في السيناريو الأول، تتفاعل الأسواق بطريقة خطية، ويصبح الدين تدريجياً أكثر تكلفة بسبب زيادة الطلب على رأس المال من الحكومة [4] وينمو الناتج المحلي الإجمالي ابتداء من عام 2026 وفقا لوتيرة النمو المحتمل. في السيناريوهات الأخرى، تستجيب رسوم المخاطر في الأسواق المالية مع الزيادة المتوقعة في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في وقت مبكر أكثر: يقفز سعر الفائدة على الزيادة الجديد في الدين بمقدار 100 نقطة أساسية في عام 2024، ويستمر في النمو بشكل خطي مع ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي. في بعض السيناريوهات، تضر زيادة رسوم المخاطر بنمو الاقتصاد أيضاً في عامي 2024 و2025 بنحو نصف بالمئة سنوياً، قبل أن يعود النمو إلى معدله في السنوات التي سبقت أزمة كورونا والحرب، وفي سيناريوهات أخرى، يظل النمو أقل من الإمكانات بمقدار نصف في المائة سنوياً بشكل دائم. تشير نتائج المحاكاة إلى أنه من المتوقع أن تنمو نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بسرعة في هذه السيناريوهات وترتفع في عام 2030 إلى مستوى 72-80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بـ 63 في المائة في السيناريو الذي يتم فيه إجراء تعديلات تعوض الزيادة الدائمة في النفقات بالكامل. من الصعب أن نقدر بالضبط متى ستستجيب الأسواق مع مثل هذه الديناميكيات، ولكن في النهاية، وكما تعلمنا التجارب التاريخية في إسرائيل والعالم، سوف تتطلب استجابتها تعديلات على نطاق أوسع بكثير مما هو مطلوب اليوم.
[1] يرد شرح لتنبؤات الاقتصاد الكلي التي تصيغها شعبة البحوث، إضافة إلى نظرة عامة على النماذج التي تستند إليها، في تقرير التضخم 31 (للربع الثاني من عام 2010)، القسم 3ج. ورقة العمل الخاصة بنموذج DSGE متاحة على موقع بنك إسرائيل. على العنوان
MOISE: A DSGE Model for the Israeli Economy, Discussion Paper No. 2012.06.
[2] يشمل معدل البطالة الواسع، بالإضافة إلى العاطلين عن العمل، أيضاً أولئك الذين تغيبوا مؤقتاً عن عملهم لأسباب اقتصادية (بما في ذلك العمال الذين تم إخراجهم في إجازات غير مدفوعة).
[3] نفترض أن يتم استلام منحة الدفاع من حكومة الولايات المتحدة بالكامل في عام 2024، على الرغم من أنه لم يتم تأكيد ذلك بعد. وإذا لم يتحقق ذلك، فسوف يتطلب ذلك زيادة أخرى في ميزانية الدفاع (مما يعني زيادة في العجز) و/ أو تأجيل نفقات الدفاع للسنوات التالية.
[4] أظهرت الدراسات التي أجراها بنك إسرائيل في الماضي أن زيادة بنسبة واحد في المئة في نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تزيد من العائد الحقيقي على السندات الحكومية طويلة الأجل بمقدار 10 نقاط أساسية. للتفاصيل: عدي براندر وسيجال ريفون (2015). "تأثير السياسات المالية والنقدية في إسرائيل والاقتصاد العالمي على العائدات الحقيقية للسندات الحكومية في إسرائيل: إعادة تقييم بعد عقد من الزمن"، سلسلة مقالات للنقاش، بنك إسرائيل، 2015.02؛ جلعاد شالوم (2019) "العوائد في الخارج والدين العام وتأثيرهما على العائدات الحقيقية للسندات الحكومية في إسرائيل: إعادة تقييم"، من مجموعة تحليلات سياسية وقضايا بحثية، بنك إسرائيل، شباط 2019.