لرؤية هذه الرسالة كملف إضغط هنا
ينعقد مؤتمر الرقابة المصرفية اليوم تحت عنوان الاحتيال المالي 2024. افتتح المؤتمر محافظ بنك إسرائيل، البروفيسور أمير يارون، فيما يلي كلمته الكاملة. سيتم توزيع مواد إضافية خلال المؤتمر.
صباح الخير للجميع،
أولا، أرحب باتفاق وقف إطلاق النار في الشمال والذي دخل حيز التنفيذ في وقت مبكر من صباح اليوم. وآمل أن يشكل هذا الاتفاق فرصة لاستعادة السلام في منطقة الجنوب أيضاً، وعودة جميع المختطفين إلى بيوتهم، واستعادة الأمن لسكان إسرائيل.
أود أن أهنئ هيئة الرقابة على البنوك على هذا المؤتمر المهم، والذي سيتم تخصيصه لقضية الاحتيال المالي. في الواقع تشكل هذه القضية جزءاً من صورة أوسع ــ وهي التغيرات البنيوية التي شهدها النظام المالي في الأعوام الأخيرة، والطريقة الصحيحة للتعامل معها. لذلك سأركز في كلمتي على ثلاثة مواضيع:
أولاً، سأتحدث عن التغيرات الأساسية التي يمر بها النظام المالي في العالم، والتحديات التي تفرضها التغيرات التكنولوجية، وطرق تعامل دول مختلفة مع هذه التغيرات. سأتطرق بعد ذلك إلى حالة النظام المصرفي في إسرائيل خلال هذه الفترة، وخاصة فيما يتعلق بتحديات المنافسة ورفاهية المستهلك. في الختام، سأستعرض الخطوات التي نتخذها لتعزيز نظام مصرفي أكثر منافسة، وهو ما سيعود بالنفع على الجمهور، مع الحفاظ على استقرار النظام.
دعونا نبدأ.
من أجل فهم تحديات المستقبل بشكل كامل، من المهم أولاً العودة إلى الأساسيات وفهم الدور الأساسي للنظام المالي، أو بتعبير أصح عالم التمويل، في الاقتصاد. النظام المالي مسؤول في جوهره عن تخصيص الموارد بكفاءة في النظام الاقتصادي. تلعب البنوك، باعتبارها مؤسسات مالية مركزية، دوراً حاسماً في الوساطة بين المدخرين والمقترضين، مما يساعد على النمو الاقتصادي من خلال إتاحة الوصول إلى الأصول المالية والتمويل.
وفقاً للنموذج الكلاسيكي لدياموند ودوبفيج، وهما اقتصاديان حاصلان على جائزة نوبل، فإن تفرد البنوك يكمن في عملية Maturity transformation والتي تقوم فيها البنوك بتحويل الودائع قصيرة الأجل إلى قروض طويلة الأجل، وبالتالي سد الفجوة بين احتياجات السيولة للمدخرين وحاجات التمويل طويل الأجل.
تُعرّض هذه الآلية البنوك لخطر فريد من نوعية: إذا تزعزعت ثقة الجمهور في البنك لسبب ما، فقد تنشأ حالة تسمى "الهرع إلى البنوك" – والتي يحاول فيها عدد كبير من المودعين سحب أموالهم دفعة واحدة.
مع تطور التكنولوجيا، أصبح هذا التهديد أكثر خطورة. وقد رأينا ذلك مؤخراً في حالة بنك SVB وبنوك أخرى، حيث مكنت التكنولوجيا عمليات سحب جماعي بمعدل غير مسبوق. بسبب هذه المخاطر الخاصة، فإن الحفاظ على ثقة الجمهور يشكل شرطاً ضرورياً لاستقرار النظام المصرفي. وهذا هو السبب أيضاً وراء ضرورة أن تخضع أي هيئة ترغب في العمل كبنك، أي تلقي الودائع من الجمهور ومنح الائتمان، للرقابة.
تزداد أهمية الرقابة المالية على خلفية تأثير الأزمات المالية على الاقتصاد الحقيقي. وكما أظهر بن برنانكي في دراساته - فإن الأزمة المالية، سواء كانت مصحوبة بأزمة حقيقية، أو ما إذا كانت ناشئة عن أسباب مالية بحتة - فقد تتحول بسرعة إلى أزمة عميقة تؤثر على الاقتصاد بأكمله. وقد يتسبب انكماش العرض على الائتمان في انخفاض كبير في الاستثمارات، وإضعاف الاستهلاك الخاص، والإضرار بالتشغيل.
هذه الجوانب التي ظهرت أهميتها في الأزمة المالية العالمية عام 2008، والتي شغل خلالها برنانكي منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، أعادت تشكيل مفهوم الرقابة على النظام المالي. مع ذلك، فإن السنوات القليلة الماضية وضعت أمامنا نوعاً جديداً من التحديات، وهي دخول لاعبين تكنولوجيين جدد وتطوير نماذج أعمال مبتكرة. وهي امور تتطلب توسيع مفهوم الرقابة المالية إلى ما هو أبعد من مجرد الحفاظ على الاستقرار.
لقد غيّر العصر الرقمي الطريقة التي ندير بها حياتنا بشكل جذري. بدءاً من مكالمات الفيديو مع الأصدقاء على الجانب الآخر من العالم، مروراً بطلب المنتجات والخدمات بلمسة إصبع، وحتى الملاحة في الوقت الفعلي في الاختناقات المرورية. لقد أصبح كل جانب من جوانب حياتنا تقريباً أسرع وأسهل وأرخص.
من ناحية أخرى، فإن النظام المالي التقليدي، والذي عمل لسنوات طويلة ضمن هياكل وعمليات عفا عليها الزمن، واجه صعوبة في اللحاق بركب الاحتياجات المتغيرة والتكيف معها.
يركز توجه الهيئات المالية الرائدة في العالم على مبادئ جديدة لتصميم النظام المالي المستقبلي. في مركزها، توجد "unified ledgers" – وهي منصات رقمية تضم في مكان واحد مجموعة واسعة من الأصول المالية الرقمية - "tokenized assets ". تتيح هذه المنصات التمثيل الرقمي لمجموعة متنوعة من الأصول - بدءاً من الأصول المالية التقليدية مثل السندات والأوراق المالية، وحتى الأصول الملموسة الفعلية.
من خلال العقود الذكية، يمكن إجراء عمليات نقل وتبادل لهذه الأصول بشكل فوري ومتزامن، وهو ما يعرف بالـ atomic settlement. هذا على النقيض من الوضع الحالي، حيث هناك حاجة لسلسلة طويلة ومعقدة من الموافقات والتنسيقات بين الأنظمة المختلفة، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف وزيادة فترات الانتظار والمخاطر التشغيلية غير الضرورية.
يتم تطبيق المبادئ التي ذكرتها بشكل مختلف في دول مختلفة، اعتمادا على مستوى تطور النظام المالي. في الدول النامية، حيث النظام المالي التقليدي أقل تطوراً، تم إنشاء البنى التحتية الرقمية المبتكرة من الصفر. هكذا مثلاً في الهند، حيث يتيح نظام واجهة المدفوعات الموحدة (UPI) إمكانية الدفع الفوري - Faster Payment - بين جميع أنواع الحسابات والمحافظ الرقمية. وبشكل مماثل في البرازيل، يعد نظام Pix مثالًا آخر على نجاح النموذج، مع أكثر من 100 مليار معاملة في عام 2023.
في المقابل، تعمل الدول المتقدمة، مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على تعزيز نظامها المالي في نموذج هجين أقل مركزية: وهو مزيج من البنية التحتية العامة لدى البنوك المركزية إلى جانب بنى تحتية لدى القطاع الخاص. الوضع في إسرائيل يشبه الوضع في الدول المتقدمة.
يمر النظام المالي في إسرائيل بمرحلة "لحاق حقيقي بالركب" مقارنة بالأنظمة المالية المتقدمة في العالم. نحن الآن في المراحل النهائية من سن قانون التوريق، والعمل على تعزيز سوق إعادة الشراء (الريبو) الأكثر تطوراً، وإطلاق فائدة "شير" التي تعادل سعر الفائدة الأمريكي SOFR، ونعمل على ضمان دمج النظام المالي الإسرائيلي في نظام الدفعات العالمي. كما هو الحال في الدول المتقدمة، فإن نجاح هذه الخطوات يعتمد إلى حد كبير على المشاركة النشطة للنظام المصرفي الخاص. لذلك يجب على البنوك أن تكون على دراية بالبيئة التكنولوجية المتطورة وأن تستعد وفقا للتحديات والفرص التي تضعها أمامها.
لتلخيص كلمتي حتى الآن، علمتنا التجربة العالمية درساً مضاعفاً:
أولا، الثمن الباهظ الذي يدفعه المجتمع ككل أثناء الأزمات المالية، والأهمية الكبرى للاستقرار المالي كشرط للنمو الاقتصادي والازدهار.
ثانياً، أصبح من الواضح بأن دور التنظيم لا يقتصر على الحفاظ على الاستقرار فحسب، بل يجب أن يدعم أيضاً تطوير نظام مبتكر وفعال ومتاح.
سأنتقل الآن إلى الجزء الثاني من كلمتي.
سأبدأ بكلمة طيبة: نحن جميعًا على دراية بمخطط تأجيل الدفعات الذي اعتمده النظام المصرفي أثناء الحرب، والذي ساعد - وما زال يساعد - العديد من أسر جنود الاحتياط وسكان غلاف غزة وخط النزاع وغيرهم من ضحايا الحرب. ومع ذلك، ليس هناك شك في أن النظام المصرفي في إسرائيل ما زال يعاني من عدم كفاية التنافسية.
تعتمد الربحية العالية للنظام المصرفي إلى حد كبير على أرصدة الحسابات الجارية الكبيرة التي يحتفظ بها الجمهور في حساباته، والتي تشكل مصدر تمويل رخيص ومستقر للبنوك، في حين أنها لا تدر عائداً مناسباً للزبائن أنفسهم. بالإضافة إلى ذلك، هناك فجوة بين وتيرة وشدة ارتباط أسعار الفائدة على الائتمان للتغيرات في سعر الفائدة في بنك إسرائيل، مقارنة بسعر الفائدة على الودائع. تؤدي هذه التحديات إلى تعاظم حقيقة مفادها أن ثقة عامة الناس في النظام المصرفي تتجاوز ثقتهم في قدرته على الحفاظ على مدخراتهم على نحو لائق فقط.
يجب على النظام المصرفي نفسه أن يدرك أن النزاهة تجاه الزبائن، والتي ترتبط من بين أمور أخرى، بتعظيم قيمة مدخراته، هي عنصر أساسي في الحفاظ على سمعته، وبالتالي استقراره على المدى الطويل. في المقابل، نعمل في بنك إسرائيل، وسنواصل العمل، على زيادة المنافسة في النظام، من خلال العديد من الخطوات التي سأذكرها بإيجاز.
أولاً، في سياق موضوع الحسابات الجارية - كما قلت، بقيت أرصدة الحسابات الجارية للجمهور مرتفعة للغاية، وبينما لا تجمع هذه الأموال أي فوائد، تستمر البنوك في تحقيق أرباح كبيرة منها. على ضوء ذلك، طلبنا من البنوك تقديم خطط جدية من شأنها توسيع الخيارات المتاحة أمام الزبائن لاستثمار أموالهم في ودائع ذات عائد.
ما زلنا في أوج هذه العملية، وسنعمل على أن تحقق البنوك نتائج حقيقية لصالح جمهور الزبائن.
ثانيًا، فيما يتعلق بالفجوة بين التحويل المرتفع لأسعار الفائدة الائتمانية والتغيرات في سعر الفائدة في بنك إسرائيل، مقارنة بالانتقال المنخفض والبطيء لسعر الفائدة على الودائع - عملنا مع الجهاز المصرفي بهذا الشأن وشهدنا بعض التحسن.
الآن، وفي مقارنة دولية، لسنا بعيدين عن معطيات الدول المتقدمة، ولكن لا يزال أمامنا مجال للتقدم. من المهم أن نقول أنه يجب على الزبائن أيضاً التصرف بشأن هذه المسألة. نحن ننشر على موقع بنك إسرائيل الإلكتروني مقارنة لأسعار الفوائد على الائتمان والودائع بين البنوك، والتي يسرنا أن وسائل الإعلام المالية تنشرها أيضاً. وأحث الجمهور على استخدام هذه المعلومات ومقارنة الأسعار وتحدي البنوك. بالإضافة إلى ذلك، في حال أننا لم نلاحظ تحسناً مستمراً في هذا السياق، فإننا سنفكر في اتخاذ تدابير إضافية.
سأتطرق الآن بالتفصيل إلى خطوة مهمة نعمل عليها لتعميق المنافسة - وهي فتح النظام المصرفي أمام مشاركين إضافيين من خلال مخطط مبتكر لمنح التراخيص المصرفية. يقدم المخطط منهجاً متدرجاً ومتلائماً، بناءً على مبدأ التخصص، ستتمكن فيه الهيئات المالية من الحصول على ترخيص مصرفي يتناسب مع مجال النشاط الذي تختار التخصص فيه. هكذا مثلاً، ستتمكن شركة بطاقات الائتمان التي ترغب في توسيع أنشطتها في مجال تحصيل الودائع، من الحصول على ترخيص مصرفي خاص يركز على هذا النوع من النشاط.
في مثل هذه الحالة، لن يتوجب على هذه الشركات تلبية جميع المتطلبات التنظيمية المطبقة على البنك الذي يقدم مجموعة كاملة من الخدمات المصرفية، كما هو الحال في مجال التجارة الخارجية أو إدارة غرف التداول. من شأن هذا النهج أن يقلل بشكل كبير من تكاليف الامتثال والتشغيل، وأن يسمح للاعبين جدد بالمنافسة بفعالية في مجالات خبرتهم.
بطبيعة الحال، سيتم تنفيذ هذه العملية بشكل تدريجي ومنضبط، مع الالتزام بالمعايير الدولية والحفاظ على استقرار النظام. على المدى الطويل، من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة إلى سوق مالية أكثر تنافسية وتنوعاً.
تنضم هذه الخطوة إلى سلسلة من الإجراءات التي قمنا بها في بنك إسرائيل في السنوات الأخيرة، بهدف تعزيز المنافسة والابتكار في النظام المالي، وهي إجراءات تهدف إلى النهوض بالنظام المالي وخلق بيئة نشاط تنافسية ومبتكرة لمصلحة الجمهور.
موضوع آخر أود مناقشته يتعلق بمستوى التنافسية في النظام المصرفي، ويتعلق بهيكل الملكية في النظام المالي.
سأبدأ بوصف تاريخي موجز: حتى بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تميز النظام المالي بهيمنة شبه كاملة من البنوك، والتي كانت تتمتع بسيطرة على كل من الأنشطة المصرفية التقليدية وإدارة مدخرات الجمهور. خلق هذا الوضع درجة عالية من المركزية وتضارب المصالح المتأصل. أدت لجنة "باخر" التي أنشأت عام 2004، إلى تغيير بنيوي كبير ــ فقد فصلت صناديق الادخار وصناديق الائتمان عن البنوك، ومنعت الهيئات المؤسساتية من السيطرة على البنوك في نفس الوقت.
منذ ذلك الحين، شهد هيكل النظام المالي تغيرات كبيرة. فقد تطورت الهيئات المؤسساتية وأصبحت طرفاً فاعلاً وأساسياً، خاصة في مجال الائتمان التجاري. مع ذلك، فإن الخصائص الهيكلية والتنظيمية لا تزال تجعل من الصعب على هذه الهيئات اختراق المجالات المصرفية، والتي تشمل توفير الائتمان الاستهلاكي وجمع الودائع.
في إطار جهودنا للتغلب على هذا التحدي وتوسيع المنافسة في السوق، سمحنا مؤخرًا في بنك إسرائيل للشركات القابضة التي تمتلك كيانات مؤسساتية بالسيطرة على شركات بطاقات الائتمان.
تثير تجربة العقدين الماضيين منذ إصلاحات "باخر" تساؤلات حول مدى فعالية التغييرات البنيوية في النظام المالي. فعلى الرغم من أن فصل الملكية قد سمح بدخول لاعبين جدد إلى سوق رأس المال، إلا أن درجة المنافسة لم ترتفع إلى المستوى المتوقع، وتضررت الكفاءة التشغيلية. تجبرنا هذه الدروس على إعادة النظر في درجة الفصل المرغوبة في النظام.
لذلك، فإننا ندرس حالياً إمكانية منح الشركات القابضة المالكة لهيئات مؤسساتية القدرة على توسيع نشاطها ليشمل السيطرة على البنوك الصغيرة أيضاً. وذلك مع مراعاة القيود التي من شأنها ضمان المنافسة العادلة ومنع الاحتكار المفرط. تنطوي هذه الخطوة على إمكانات كبيرة إلى جانب تحديات معقدة:
من ناحية، يمكن للهيئات المؤسساتية، باعتبارها جهات تتمتع بالخبرة والقوة المالية، أن تساهم في تطوير البنوك الصغيرة من خلال دعم رأس مالها، ومهارتها في إدارة المخاطر، وخبرتها في تطوير المنتجات المالية المبتكرة. قد يؤدي هذا المزيج إلى تعزيز القدرة التنافسية للبنوك الصغيرة وتوسيع نطاق الخدمات التي تقدمها للجمهور، خاصة في مجالات الائتمان للشركات الصغيرة والائتمان الاستهلاكي والودائع.
من ناحية أخرى، تثير هذه الخطوة مخاوف بشأن تضارب المصالح الهيكلية بين أنشطة البنك وأنشطة الهيئة المؤسساتية، خاصة في مجالات الاستشارات الاستثمارية وتقديم الائتمان. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء تكتلات مالية كبيرة قد يشكل تحديات جديدة أمام الرقابة التنظيمية. من المهم التأكيد على أن هذا الموضوع ما زال في مراحل الدراسة المتعمقة، بهدف صياغة سياسة متوازنة تخدم مصلحة الجمهور ككل.
قبل أن أختتم كلمتي، أود أن أتناول بعض المقترحات التشريعية الأخيرة المتعلقة بالنظام المصرفي.
أولا، من المهم التأكيد على التفرد الكامن في النشاط المصرفي وفهمه. كما أوضحت سابقاً، فإن الدمج بين جمع الودائع من الجمهور وتقديم الائتمان يخلق مخاطر فريدة من نوعها، أولها مخاطر التشغيل، والتي تتطلب إشرافاً خاصاً.
تسمح التكنولوجيا اليوم للعديد من الشركات بتقديم خدمات كانت في السابق حكراً على البنوك. تدخل شركات التكنولوجيا وكيانات مالية جديدة عالم الخدمات المصرفية التقليدية، مما يؤدي إلى طمس الحدود المعروفة.
لكن ينبغي لنا ألا نخلط الأمور: فالهيئة التي تقبل الودائع وتمنح الائتمان هي عبارة عن بنك، ويتعين عليها أن تخضع لرقابة بنكية كاملة. هذا المبدأ الذي أثبت فاعليته على مر السنين، أصبح ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى للحفاظ على ثقة الجمهور واستقرار النظام.
ثانياً، من المهم التأكيد على الدور الحاسم الذي تلعبه البنوك في الحفاظ على النشاط الاقتصادي المنتظم، سواء على المستوى المحلي أو على الساحة الدولية. كما أن على البنوك الامتثال للقواعد الدولية، مثل أنظمة العقوبات، التي تهدف إلى ضمان اندماج إسرائيل في الاقتصاد العالمي. إن مقترحات القوانين المعدة لإلزام البنوك بتجاهل العقوبات التي تفرضها دول مثل الولايات المتحدة الأمريكية، تعرض البنوك لمخاطر جسيمة قد تضر باستقرارها وثقة الجمهور فيها وبسمعة دولة إسرائيل كمركز لممارسة الأعمال التجارية.
أخيرا، فإن التدخل التشريعي في التسعير، مثل مطالبة البنوك بتقديم حد أدنى لسعر الفائدة على الودائع أو تحديد أسعار الفائدة على الائتمان، قد يؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها، بل وأحيانا إلى نتائج عكسية. مثل هذه التدخلات قد تضر بقدرة البنوك على إدارة المخاطر بشكل صحيح وتخصيص الائتمان بكفاءة.
تتطلب مثل هذه القضايا المعقدة مهنية في اتخاذ القرارات وتكييفها مع احتياجات السوق المتغيرة.
ختاماً فإن النظرية الاقتصادية والخبرة السابقة وتحديات المستقبل تؤكد على المبدأ الذي عملنا وسنواصل العمل بموجبه: الحفاظ بلا هوادة على الاستقرار المالي، إلى جانب تشجيع المنافسة ودمج الابتكار التكنولوجي بطريقة متوازنة ومسؤولة.
أود مرة أخرى أن أشكر هيئة الرقابة على البنوك على تنظيم هذا المؤتمر الهام، وأتمنى لنا جميعاً تحقيق الفائدة من بقية اليوم.
شكراً جزيلاً.