نشتري أم لا نشتري؟

ما الأفضل؟ نظام اقتصادي تستمر فيه الأسعار في الانخفاض، أو تستمر الأسعار فيه بالارتفاع؟ إذا كانت لديكم إجابة قاطعة، فأنتم بالتأكيد مخطئون.

زيادة الأسعار

لنفترض أنك خططت لشراء بنطال جينز جديد بقيمة 100 شيكل، ومن المتوقع أن يرتفع السعر غدًا ليصبح نفس البنطلون بسعر 130 شيكل. من المحتمل أن تستعجل للاستفادة من السعر المنخفض. الآن، تخيلوا أن الارتفاع المتوقع لن يشمل فقط سعر الجينز، بل سترتفع أسعار جميع السلع والخدمات بعشرات النسب المئوية، ولفترة زمنية لا يمكن التنبؤ بها. النتيجة: سيتهافت الجمهور على المتاجر، وستنفذ السلع، وتختفي المنتجات الأساسية، وسترتفع الأسعار أكثر. كل يوم يمر، تصبح أموالك أقل قيمة. تعرف هذه الظاهرة بالتضخم.

ماذا يحدث لسعر النقد الأجنبي في حالات التضخم؟

في حالات التضخم، تنخفض قيمة العملة المحلية - يمكنك شراء عدد أقل من المنتجات بنفس المبلغ من الأموال المحلية. في المقابل إذا كان التضخم في الخارج أقل مقارنة بإسرائيل، فإن قيمة العملات الأجنبية -بالنسبة للشيكل- سترتفع، وتسمى هذه الظاهرة "انخفاض قيمة العملة".

عندما تصبح العملة الأجنبية أكثر تكلفة، فإن المنتجات المستوردة تصبح أيضًا أكثر تكلفة، ونتيجة لذلك ترتفع أسعار المنتجات المحلية أيضاً؛ وهكذا فإن انخفاض قيمة العملة والتضخم يغذيان بعضهما البعض.

عندما يكون التضخم مرتفعاً، وبما أن المال يستمر في فقدان قيمته، فإن القدرة على اتخاذ القرارات الاقتصادية الصحيحة تضعف بما فيها القرارات الكبيرة والمعقدة من قبل الشركات والمؤسسات المالية، والقرارات طويلة الأجل من قبل الحكومة، والقرارات اليومية البسيطة التي يتخذها كل واحد منا.

إنخفاض الأسعار

من ناحية أخرى، ماذا سيحدث لو علمت أن نفس الجينز الذي طال انتظاره سيكلف غداً 80 شيكل؛ و70 شيكل في اليوم التالي؟ إذا انتظرت فقط، يمكنك شراء المزيد بنفس المبلغ. أي أن قيمة أموالك تزداد. وتسمى هذه الظاهرة "الانكماش".

إن ما يبدو وكأنه حلم استهلاكي، أثبت في تاريخ العديد من دول العالم بأنه أزمة اقتصادية خطيرة. عندما يكون هناك انكماش، تتوقع الأسر والشركات أن تستمر الأسعار في الانخفاض، وبالتالي تقوم بتأجيل المشتريات والاستثمارات. وهذا يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي.

بالإضافة إلى ذلك، إذا عدنا إلى مثال الجينز، فإن صاحب محل الملابس، الذي باع سابقًا نفس البنطال مقابل 100 شيكل، سيتوجب عليه الآن أن يكتفي بـ 80 شيكل. ومن أجل موازنة النفقات مع الدخل، من الممكن أن يقرر صاحب العمل نفسه خفض رواتب موظفيه، أو ربما حتى طرد بعضهم. إن خفض الأجور، والذي قد يصاحبه أيضًا ارتفاع في البطالة، سيؤدي إلى مزيد من خفض الاستهلاك - مما قد يؤدي إلى انخفاض آخر في الأسعار، مما يهدد النظام الاقتصادي بالركود.

استقرار الأسعار

أحد الأدوار المركزية لبنك إسرائيل هو الحفاظ على استقرار الأسعار. وتحدد الحكومة بالتشاور مع المحافظ، هدفًا لاستقرار الأسعار يُعرف أيضًا باسم "هدف التضخم".

كيف يتم تحديد هدف التضخم؟

في معظم الدول التي تتبنى نظام "استهداف التضخم"، فإن الهدف هو السعي لتحقيق تضخم منخفض ولكن إيجابي. منذ عام 2003، تم تعريف هدف التضخم في إسرائيل على أنه زيادة سنوية بنسبة 1-3% في مؤشر الأسعار للمستهلك (كما هو مقبول إلى حد ما في معظم الدول المتقدمة)؛ وبنك إسرائيل ملتزم بالسعي لتحقيق ذلك.

في إطار هذه العملية، سترتفع بعض أسعار السلع والخدمات بمعدل أسرع والبعض الآخر سيرتفع بمعدل أبطأ أو ينخفض، والهدف هو أن ترتفع أسعار السلع والخدمات التي يتكون منها مؤشر الأسعار للمستهلك، وفق المعدل المحدد كهدف.

إن زيادة الأسعار الخاضعة للرقابة والتي يمكن التنبؤ بها، ستسمح للاقتصاد بأكمله مع مرور الوقت بالاستعداد والاستجابة للتغيرات على المدى الطويل بطريقة حكيمة ومدروسة.

سعر الفائدة كأداة لتحقيق هدف التضخم

من أجل تحقيق هدف التضخم، يستخدم بنك إسرائيل أدوات مختلفة متاحة له، وأهمها سعر الفائدة النقدية قصيرة الأجل. تؤثر مستويات أسعار الفائدة في النظام الاقتصادي بشكل مباشر على حجم الإنفاق والادخار، وبالتالي على مستويات الأسعار والنشاط الاقتصادي الواسع للنظام الاقتصادي. على سبيل المثال، يشجع سعر الفائدة المرتفع المستثمرين الأجانب من بين أمور أخرى على الاستثمار في إسرائيل وشراء الشيكل لهذا الغرض ـ وهو الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة قيمة الشيكل ("ارتفاع القيمة") ويخفف من التضخم.

من ناحية أخرى، فإن انخفاض سعر الفائدة سيشجع، من بين أمور أخرى، الاستهلاك المحلي على حساب الادخار، مما يرفع الأسعار، وينفر المستثمرين الأجانب أيضًا من النظام الاقتصادي المحلي. ونتيجة لذلك، يطرأ انخفاض على قيمة الشيكل ("انخفاض قيمة العملة") ويزداد التضخم.

لماذا "هدف التضخم" وليس "هدف الانكماش"؟

من الناحية النظرية، فإن الطموح هو الوصول إلى الاستقرار المطلق للأسعار. أي أن يكون التضخم صفر في المئة. ومع ذلك، هناك عدة أسباب وراء تحديد هدف تضخم منخفض ولكن إيجابي في جميع الدول. أحد الأسباب لذلك هو أنه إذا تم تحديد الهدف حول "الصفر"، فمن الممكن أن تصل النتيجة الفعلية إلى سالب، أي "الانكماش". والمشكلة هي أن إحدى الطرق الرئيسية لتعطيل الانكماش، كما ذكرنا، هي من خلال خفض أسعار الفائدة. ولكن بما أن القدرة على خفض سعر الفائدة إلى ما دون الصفر محدودة، فإن الأداة الرئيسية لاستقرار الأسعار خلال أوقات الانكماش – أي سعر الفائدة - ستكون أيضاً محدودة.

تمّ تحديث هذه الصفحة آخر مرّة في تاريخ: 27/09/2023