ويعكس إطار الميزانيّة وتركيبتها عدّة اعتبارات ماكرو اقتصاديّة هامّة:
1. الحاجة إلى مراعاة وضع الجهاز الاقتصادي: من ناحية، لن تكبح الميزانية المقترحة النشاط قبل أن يخرج الجهاز الاقتصادي من أزمة الكورونا. من ناحية أخرى، هي لا تزيد العجز الهيكلي، الذي كان مرتفعًا ما قبل الأزمة، مما قد يؤدي إلى تضخّم نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي، وتقليص الموارد المتاحة لتمويل الاستثمارات الحكومية اللازمة في الميزانيّات التالية لرفع انتاجيّة العمل في الجهاز الاقتصادي ومواجهة الأزمات المستقبليّة.
2. توفّر الميزانية المقترحة حلولا لقضايا متعلقة بمبنى الميزانية والتي تعتبر مهمة لنجاعة الخدمات الحكومية وتركيزها على الاحتياجات التي تغيرت في السنوات الأخيرة. على وجه الخصوص، تزيد الميزانية من نجاعة تخصيص الموارد لجهاز الصحة، والاستثمار الحكومي في البنية التحتية، مع التركيز على المواصلات العامة الضرورية للنمو بعيد المدى وتوسيع معروض الشقق السكنيّة في مناطق الطلب.
3. ستحسّن المصادقة على الميزانية الاستمرارية والقدرة على التخطيط في عمل الوزارات الحكومية في العديد من المجالات، وستقلص عدم اليقين التشغيلي فيما يتعلق بتوفير جزء من الخدمات الحكومية، ومساعدات مختلفة تعتبر بالغة الأهمية بالذات في المجال الاجتماعي. وستيسّر المصادقة على الميزانية عمل الحكومة وكذلك عمل قطاع الأعمال الذي يعتمد في خطط عمله، من بين أمور أخرى، على سياسة الحكومة ونشاطاتها المتوقعة.
إلى جانب الميزانية، قدّمت للكنيست مجموعة خطوات هيكلية تشمل إصلاحات مهمة للنمو المستدام، يتوافق معظمها مع توصيات بنك إسرائيل التي قدّمت إلى الحكومة عند تأسيسها. وتشمل هذه الخطوات: دفع بناء المترو في منطقة متروبولن تل أبيب قدمًا، وإزالة حواجز الاستيراد، وتنجيع القواعد التنظيميّة وعمليات تسريع البناء السكني والاستثمار في البنية التحتية الداعمة. إضافةً إلى ذلك، تتضمن الخطة الاقتصادية خطوات ذات تأثير طويل الأجل على متانة الميزانية والتشغيل في الجهاز الاقتصادي، مثل قرار التغيير في نظام سندات الدين المخصصة ورفع سن التقاعد للنساء، والذي يترافق مع خطوات تخفّف العبء عن النساء ذوات الدخل المنخفض واللواتي قد يتضررن جرّاء هذه الخطوة. وستتطلب بعض هذه الخطوات بالتأكيد إجراء تحسينات عليها في المستقبل، بناءً على الخبرة التي ستتراكم عند التنفيذ، لكن مضمون الإصلاحات هام ومن المهم البدء بها.
خطوة مهمة أخرى تنعكس في الميزانية المقترحة هي الخطة الخمسية لتنمية المجتمع العربي. تتضمن هذه الخطة تخصيص موارد كبيرة لتطوير رأس المال البشري والبنية التحتية والتشغيل في البلدات العربيّة وفي المدن المختلطة. هذه الخطوة ذات أهمية كبيرة للتحسين المستدام لرفاه المجتمع العربي الاقتصادي، ولكنها أيضًا ذات فائدة كبيرة للجهاز الاقتصادي بأكمله والذي سيستفيد من تحسين رأس المال البشري وزيادة إنتاجية العمل التي ستقودها الخطة.