على ضوء تطورات الحرب والعواقب الاقتصادية الكبيرة الناجمة عن الوضع الأمني، يقوم قسم الأبحاث في بنك إسرائيل بمتابعة الأحداث الراهنة عن كثب وصياغة صورة للوضع وتقديم توصيات للسياسة المالية، مع الحفاظ على تواصل مهني مستمر مع الوزارات الحكومية المعنية.

الدكتور عدي برندر، مدير شعبة البحوث في بنك إسرائيل: "يستوجب الوضع الأمني ​​إبداء الكثير من المسؤولية في إدارة سياسات الموازنة الحكومية من أجل تعزيز استقرار الأسواق والذي يعتمد على التطورات في النظام الاقتصادي بما فيها الموازنة. لذلك، لا بد من الجمع بين الحاجة لتخصيص ميزانيات كبيرة للتعامل مع الوضع الأمني، وضرورة التحلي بالمسؤولية المالية. من الوسائل المهمة لضمان هذا التوازن إجراء تغيير ضروري في أولويات الميزانية، مع تجنب النفقات المخططة غير الضرورية".

مرفق أدناه النقاط الرئيسية لرؤيتنا المالية وتوصيات السياسة المتعلقة بالتعديلات على موازنة 2023.

مقدمة:

  • دخلت إسرائيل الحرب بوضع مالي قوي: انخفضت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بسرعة بعد أزمة كورونا، من 71 إلى 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بفضل ارتفاع النمو والزيادة السريعة في إيرادات الدولة.
  • مكنت الموازنة التي تمت المصادقة عليها بداية عام 2023 من الاستمرار في خفض نسبة الدين العام مقارنة بالناتج المحلي. وتراجعت العوامل التي أدت إلى الارتفاع السريع في الضرائب خلال عام 2023 مما تسبب بتراجع الإيرادات نسبة للناتج المحلي إلى مستوى مماثل لما كان سائدًا قبل أزمة كورونا. من ناحية أخرى، كان إطار الموازنة المصادق عليه في بداية عام 2023 محافظاً ومنخفضاً من حيث نسبة الإنفاق إلى الناتج المحلي الإجمالي عشية أزمة كورونا، بحيث كان من المتوقع أن يبلغ العجز في الموازنة في 2023-2024 نسبة منخفضة لا تتجاوز 2% من الناتج المحلي. كما ساهمت اتفاقيات الأجور المعتدلة متعددة السنوات والموقعة في القطاع العام في تحقيق الاستقرار المالي.
  • كان للحرب التي بدأت بالهجوم الغاشم الذي نفذته حماس في السابع من تشرين الأول تبعات مالية كبيرة. فقد أدت بالفعل إلى زيادة ملموسة في الإنفاق الأمني، إضافة إلى المساعدات التي قدمت للسكان الذين تم إجلاؤهم ولأسر المصابين والمفقودين، ولدعم أنظمة الطوارئ والإنقاذ، وتعزيز نظام الخدمات العامة من أجل تلبية احتياجات جميع السكان. في الوقت نفسه، من المتوقع أن تنخفض إيرادات الضرائب بسبب الآثار السلبية للحرب على النشاط الاقتصادي. وإضافة إلى النشاط المباشر للحكومة، هناك أيضاً حاجة إلى تقديم المساعدة لقطاع الأعمال، من أجل دعم قدرة المصالح التجارية - وخاصة المصالح الصغيرة والمتوسطة التي تأثر نشاطها على تحمل النفقات، وتجاوز الفترة الحالية والعودة للعمل بسرعة حالما تسمح الظروف الأمنية بذلك. هناك أيضاً حاجة لمساعدة العاملين الذين تضررت المصالح التي يعملون فيها، ويتم ذلك من خلال زيادة المرونة في آلية الاجازات غير المدفوعة وشروط استحقاق مخصصات البطالة.
  • يتم تقييم النظام الاقتصادي من قبل الأسواق ليس فقط على المدى القصير، ولكن أيضًا على المدى المتوسط ​​والطويل. من المتوقع أن ترافقنا الآثار المالية للحرب على المدى المتوسط ​​أيضا. فمن ناحية، ستنتهي نفقات القتال وإعادة تجهيز الجيش، وستزداد النفقات المدنية تدريجياً مع انتعاش الاقتصاد وانتهاء عملية إعادة الإعمار الضخمة للبلدات المدمرة والمساعدات الطارئة لسكانها. في المقابل، من المرجح جداً أن ترتفع النفقات الحكومية بسبب الزيادة الدائمة في نفقات الدفاع وزيادة مدفوعات الفوائد بسبب ارتفاع مستوى الدين العام وارتفاع التكاليف. من المتوقع أن تكون هذه النفقات أقل بكثير من التكاليف الحالية للحرب، لكنها كما ذكرنا ستستمر لفترة طويلة.

 

التعديلات على موازنة 2023 وتوصيات السياسة:

  1. إلى جانب الحاجة إلى توفير حلول ضمن الميزانية للاحتياجات التي خلقتها الحرب، من المهم جدًا حتى في حالات الطوارئ الحفاظ على إطار مالي مسؤول. منذ اندلاع الحرب، ارتفعت هوامش المخاطر في إسرائيل، وهو ما ينعكس في الزيادة في هامش العائدات مقارنة بالسندات الأمريكية المماثلة وفي الزيادة في أسعار مقايضات الائتمان الافتراضي (CDS). تتميز الأسواق المالية في إسرائيل حاليا بتقلبات كبيرة، وقد أعلنت شركات التصنيف الثلاث عن فحص الإمكانية لخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال توسع نطاق الحرب وارد أيضاً، ومثل هذا التوسع سيلحق المزيد من الضرر بالنشاط الاقتصادي وسيتطلب موارد إضافية في الميزانية.
  2. من أجل تمويل تكاليف الحرب المتوقعة هذا العام، أعلن وزير المالية أنه ينوي أن يقترح على الحكومة زيادة موازنة الدولة لعام 2023 بنحو 31 مليار شيكل: 22 مليار لوزارة الدفاع و9 مليارات شيكل أخرى للنفقات المدنية. تعكس الزيادة المخططة للنفقات المدنية زيادة في الميزانية بقيمة 13 مليار شيكل لتلبية احتياجات النظام الاقتصادي للتعامل مع الحرب، إلى جانب خفض للنفقات الأخرى بقيمة 4 مليارات شيكل. ومن هذه الـ 4 مليارات شيكل، هناك حوالي 0.6 مليار من مصادر غير محددة وليس من الواضح ما إذا كانت متوفرة بالفعل.
  3. من المهم أن نتذكر أن التكلفة المالية الإجمالية للحرب في عام 2023 لا تنتهي فقط بمبلغ الـ 35 مليار شيكل المذكورة أعلاه (22 مليار للأمن و13 مليار للنفقات المدنية) فبالإضافة إليها هناك نفقات حكومية سيتم تمويلها من صندوق التعويضات. تشمل هذه النفقات تعويضات عن الأضرار المباشرة التي لحقت بالممتلكات، والأضرار غير المباشرة التي لحقت بالمصالح التجارية التي تبعد حتى 40 كيلومتراً عن قطاع غزة، وبلدات مرتفعات الجولان وبلدات خط النزاع في الشمال، والمنح المقدمة لاستمرار عمل المصالح التجارية في بقية أنحاء البلاد. وتقدر تكلفة كل هذا بـ 15 مليار شيكل في عام 2023، وهو مبلغ أقل بقليل من إجمالي رصيد صندوق التعويضات عشية الحرب. وبما أنه من المتوقع أن يتم استغلال الصندوق بالكامل تقريبًا لتغطية الالتزامات الحالية، فإن ظهور حاجة لتغطية نفقات إضافية من هذا النوع في وقت لاحق من هذا العام أو في عام 2024، سيفرض على الحكومة تمويلها من ميزانيتها.علاوة على ذلك، ونظرًا لأنه صندوق التعويضات هو مجرد صندوق تسجيلي، يتوجب على الحكومة أيضًا تغطية النفقات المسجلة على الصندوق.
  4. إن حجم التقليص المقترح في الموازنة في الوقت الحالي، وهو 4 مليار شيكل، ليس كبيراً، وبالتالي فإن مساهمته في تعزيز مصداقية الحكومة فيما يتعلق بالالتزام بإجراء إصلاحات مالية لتغطية تكاليف الحرب محدودة. في حال قدرت الحكومة أن هذا هو أقصى تقليص ممكن في هذه المرحلة من العام، فمن المهم حال المصادقة على الإضافة لموازنة 2023، أن تقرر أيضا إلغاء بعض النفقات المقررة لعام 2024. وعلى الرغم من أن الخطة تقضي بتأجيل النقاش الرئيسي حول موازنة 2024 قليلاً، يشير فحص بنود الميزانية إلى تخفيضات محتملة بمبلغ يتراوح بين 8 إلى 10 مليارات شيكل تقريبًا في عام 2024. علاوة على ذلك، وبما أن جزءًا كبيرًا من المدفوعات في عام 2023 للاتفاقيات الائتلافية سيجعل من الصعب جدًا تقليص هذه البنود في عام 2024 وفي وقت لاحق أيضًا، فمن الأفضل أن تعلن الحكومة عن وقف هذه النفقات بدءاً من الميزانية الحالية.
  5. من المهم أن تعمل الحكومة على الحد من النفقات الجديدة المستمرة على المدى المتوسط ​​والبعيد. كما ذكرنا، فإن جزءًا كبيرًا من المبالغ المدرجة في الاتفاقيات الائتلافية ذات طبيعة مستمرة: وهي مدفوعات بمجرد الموافقة عليها، سيكون من الصعب جدًا إلغاؤها في السنوات المقبلة. وفي حين أن حجم هذه المبالغ مقارنة بإجمالي نفقات الحرب ليس كبيراً، إلا أن حجمها من حيث الزيادة الدائمة المتوقعة في النفقات الحكومية أكبر بكثير وبالتالي فإن تقليصها سيساهم في دعم الاستقرار المالي على المدى الطويل.