القى محافظ بنك إسرائيل، بروفيسور أمير يارون، خطابًا في اليوم الدراسي الذي عقده بنك إسرائيل حول التثقيف المالي، فيما يلي الخطاب:
مرحبًا للجميع،
أولا، أود شكر كافة الشريكات والشركاء على تنظيم هذا الحدث الهام.
التثقيف المالي هو أحد الركائز الأساسية لتنمية الاقتصاد وهو أيضًا نافذة كل من يعمل بالمجال المالي والأسواق والاقتصاد عامةً والتي يمكن من خلالها التقرّب من الجمهور وكشفهم على الأهمية الكبرى لهذه المواضيع في حياتهم الخاصة ومستقبلهم.
تعرّف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية- OECD الثقافة المالية على أنها مزيج من المعرفة والمهارات والنهج والسلوك اللازمة لاتخاذ قرارات مالية صحيحة تحقّق رفاهية الفرد.
وتتطرّق الثقافة المالية إلى فهم الأفكار والمفاهيم المالية واكتساب المهارات "الخفيفة" التي تمكّن من اتخاذ قرارات مالية صحيحة.
في السنوات الأخيرة، حدثت تغيرات ثقافية واجتماعية وتكنولوجية متسارعة في العالم، والتي غيرت حياتنا بشكل لا يمكن التعرف عليه. الارتفاع في التجارة الدولية، وانتقال البنوك والمؤسسات المالية إلى المنصات الرقمية وسلسلة من التطورات الأخرى في السوق المالي، حسّنت النظام المالي التقليدي ووسّعت تشكيلة الخدمات المالية لخدمة الجمهور.
إلى جانب ذلك، جعلت هذه التحولات استخدام بعض الخدمات أكثر تعقيدًا، مما ألزم الجمهور تطوير مهارات إضافية تتيح لهم التعامل مع الفرص المالية والمخاطر المرتبطة بها.
إحدى الطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها العمل على زيادة معرفة الجمهور بهذه المواضيع هي من خلال الاستثمار في التثقيف المالي.
من خلال الاستثمار في التثقيف المالي، يمكن نقل المعرفة والعبر المالية من خلال برامج تعليميّة يستطيع المستهلكون من خلالها تحسين فهمهم للمصطلحات والمنتجات المالية.
وبذلك، يصبح المستهلكون أكثر وعيًا بالفرص المالية والمخاطر، وبالتالي ينجحون في اتخاذ خيارات اقتصادية مسؤولة، تؤدي إلى تحسين رفاهيتهم.
هناك مزايا عديدة لتعزيز التثقيف المالي. أولاً، يؤثر الاستثمار في التثقيف المالي على قدرة الشخص أو الأسرة الذين يأتون من خلفية اجتماعية واقتصادية منخفضة على تحسين وضعهم المالي وبالتالي زيادة تكافؤ الفرص في المجتمع.
ثانيًا، وجدت العديد من الدراسات أن هناك علاقة إيجابية بين مستوى الثقافة المالية ومستوى الشمول المالي.
يعني الشمول المالي خلق اتاحة متساوية للخدمات المالية لجميع السكان، وهذا مهم سواء لرفاهية الفرد أو استقرار النظام المالي.
لذلك، تدرك العديد من دول العالم أهمية الثقافة المالية وتستثمر في تعزيزها بين عامة الناس.
على سبيل المثال، في البلدان الأوروبية والولايات المتحدة وبريطانيا، هناك برامج تعليميّة مالية وطنية مدمجة في المنهاج التعليمي للطلاب في المدارس الاعداديّة والثانوية.
أيضًا في العديد من البلدان، يدفع البنك المركزي قدمًا مبادرات لإتاحة المعلومات المالية لأبناء الشبيبة والبالغين حول موضوعات مثل: السياسة النقدية وسعر الصرف والتضخم. إلى جانب ذلك، هناك جهات حكومية وهيئات تنظيمية وجهات من السوق الخاص والقطاع الثالث الذين يبادرون ويقدمون العديد من البرامج.
أيضًا نحن في بنك إسرائيل أطلقنا برامج مختلفة لتعزيز الثقافة المالية، بعضها بمشاركة ومساعدة الجهاز المصرفي. وتستهدف البرامج جماهير مختلفة كالشبيبة وكبار السن والمجتمع العربي وغيرهم.
وتظهر النتائج حتى الآن أنه لا يكفي العمل لمرة واحدة. من المهم توحيد القوى معًا وإدراج الموضوع على المستوى الوطني وبطريقة بنيويّة من أجل خلق تأثير من شأنه إحداث التغيير المنشود.
اليوم الدراسي اليوم هو خطوة هامّة في هذا الاتجاه.
بالإضافة إلى ذلك، دفع بنك إسرائيل في السنوات الأخيرة قدمًا العديد من الإصلاحات في مواضيع اتاحة الخدمات والمنافسة والابتكار في مجالات الخدمات المصرفيّة والماليّة. من بينها: الخطة الإصلاحية للخدمات المصرفية المفتوحة التي تعزز سيطرة الزبون على المعلومات المتعلقة به، والخطة الإصلاحية للانتقال السريع والمجاني بين البنوك، وتعزيز الابتكار في عالم المدفوعات مثل تطبيق معيار EMV الذي مكّن شركات مثل Google و- Apple Pay من الدخول إلى إسرائيل، وإنشاء نظام لمشاركة بيانات الائتمان الاستهلاكي وقريبًا أيضًا التجاري، وإطلاق إصلاحات لزيادة الشفافية: الخطة الاصلاحيّة لشفافية سوق قروض الرهن العقاري، ومقارنة أسعار الفائدة على الودائع والائتمان بين البنوك.
من وجهة نظرنا، يعتبر تعزيز برامج التثقيف المالي بين الجمهور، إلى جانب الإصلاحات المختلفة التي تعزّز الاتاحة المالية، مكونًا مهمًا للنمو الاقتصادي، وتقليص الفجوات في المجتمع والاستقرار المالي.
في اليوم الدراسي سيتم عرض معطيات محدثة فيما يتعلق بالثقافة المالية لدى الجمهور الإسرائيلي مقارنة بدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من استطلاع رائد أجريناه مؤخرًا وسنكشف نتائجه اليوم هنا لأول مرة.
تشير إحدى النتائج الرئيسية من الاستطلاع إلى وجود فجوات كبيرة داخل المجتمع الإسرائيلي في مستوى الثقافة المالية.
ومن أجل تقليص الفجوات، من المهم للغاية الاستمرار في الاستثمار في برامج التثقيف المالي وتعزيزها بين أبناء الشبيبة الذين سينضمون إلى سوق العمل في المستقبل.
وعلى وجه الخصوص، يوصى بدمج التعلم النظري مع التعلم العملي ما يتيح للطلاب تجربة اتخاذ القرارات المالية وبالتالي النجاح في التأثير على السلوك المالي المسؤول بطريقة أكثر فعالية.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم العمل على التثقيف المالي أيضًا في أوساط البالغين، لأن للأهل تأثير كبير على التثقيف المالي لأبنائهم والسلوك الاقتصادي للأسرة.
نحن ندرك أن هناك فجوات كبيرة في التثقيف المالي بين المجموعات السكانيّة المختلفة وبشكل بارز، في المجتمع العربي. لذلك، يجب ملاءمة برامج التثقيف المالي للمجموعات السكانيّة واحتياجاتهم المختلفة.
في تقرير الشمول المالي الذي نشره بنك إسرائيل في تموز الماضي، أوصينا بعدة خطوات لتنظيم مجال التثقيف المالي في إسرائيل، من بينها: تحديد هيئة رائدة وشاملة، على المستوى الوطني، والتي تعمل على التنسيق بين جميع الجهات وتعزيز الأنشطة في مجال التثقيف المالي، وإنشاء منتدى وطني يحتوي على معلومات حول قضايا التثقيف المالي في نقاط زمنيّة مختلفة في حياة المواطن، وادخال مضامين التثقيف المالي في جهاز التعليم وصياغة مؤشرات نجاح لفحص ذلك.
نعتقد أن سد الفجوات سيساعد كل من الفرد والاقتصاد والمجتمع ككل، لذلك كان من المهم بالنسبة لنا الانطلاق وتخصيص الموارد لذلك.
اليوم الدراسي اليوم هو نقطة الانطلاق لهذا النشاط.
أود أن أشكر كل من ساعد في إنجاح اليوم الدراسي وخاصة مديرة قسم الاتصال والاعلام والعلاقات المجتمعية في بنك إسرائيل - السيدة نوريت فلتر-إيتان التي بادرت إلى عقد اليوم الدراسي، علمًا انّ القسم الذي تديره يقود هذا الموضوع الهام من قبل بنك إسرائيل.
أتمنى للجميع يومًا دراسيًّا ممتعًا ومثمرًا.