النقاط الرئيسية للتحليل
الغرض من هذا التحليل الذي أجرته شعبة البحوث في بنك إسرائيل، هو تقديم إطار تحليلي وتجريبي لوصف التأثيرات المتوقعة لحرب "السيوف الحديدية" على الأسعار النسبية في النظام الاقتصادي الإسرائيلي، مع التركيز على دراسة مجال أساسي وهو قطاع المواد الغذائية. في جانب الطلب، قمنا بتحليل تأثيرات الحرب على مستوى ومرونة وتركيبة الطلب على المنتجات والخدمات. وفي جانب العرض، سنتناول التأثيرات على التكاليف على الشركات (والتي بدورها تتأثر بالتغيرات في توفر المواد الخام والسلع ومكون العمالة، وكذلك بالتغيرات في تقنيات الإنتاج) وكذلك قوة السوق. في قطاع المواد الغذائية، يقود هذا التحليل إلى استنتاج مفاده أن الحرب تخلق ضغطًا معينًا نحو زيادة الأسعار للمستهلك على المدى القصير والمتوسط. وتدعم الأدلة التجريبية الأولية المستندة إلى بيانات الإنفاق ببطاقات الائتمان ومؤشر أسعار المواد الغذائية اليومي الجديد والسريع (باستثناء الفواكه والخضروات الطازجة) الذي تم تطويره في بنك إسرائيل هذا الاستنتاج.
- مقدمة
شكلت الحرب التي اندلعت في السابع من تشرين الأول 2023 تحدياً كبيراً لاقتصاد إسرائيل. تركز هذه المذكرة على بُعد واحد من هذا التحدي: وهو تأثير الحرب على الأسعار النسبية في الاقتصاد.[1] تتخذ المذكرة نهجاً اقتصادياً جزئياً وتركز على قطاع المواد الغذائية نظراً لأهميته الاقتصادية وتأثيره الكبير على مؤشر الأسعار للمستهلك (حوالي 12% من السلة الاستهلاكية).[2] ومع ذلك، يمكن تطبيق الإطار التحليلي المعروض هنا أيضاً على قطاعات أخرى.
تؤثر الحرب على ظروف العرض والطلب في قطاعات الاقتصاد بشكل كبير. وعلى الرغم من بعض أوجه التشابه، فإن هذا التأثير يختلف بشكل كبير عن ذلك الذي شهده الاقتصاد خلال أزمة كورونا أو خلال الحملات العسكرية التي جرت في العقد الماضي. كما أن إجراء مقارنة دولية يمثل تحدياً أيضاً لأنه من الصعب العثور على اقتصادات تتشابه خصائصها الأساسية مع إسرائيل مرت بحدث مماثل في السنوات الأخيرة.
بناءً على ذلك، نقدم هنا إطاراً منهجياً لتحليل آثار الحرب على قوى السوق الأساسية الثلاث التي تحدد التغير في مؤشر الأسعار للمستهلك: الطلب وهيكل التكلفة وشدة المنافسة. لاحقاً في الفصل الثاني سنعرض التأثير المتوقع على كل عامل من هذه العوامل بشكل عام، وفي قطاع المواد الغذائية بشكل خاص. وكما سنرى، فإن معظم العوامل في صناعة المواد الغذائية تعمل في اتجاه الدفع نحو رفع الأسعار. سنعرض في الفصل الثالث معطيات أولية تشير إلى زيادة كبيرة في الإنفاق على الغذاء خلال الحرب بناءً على بيانات الإنفاق ببطاقات الائتمان على المنتجات الغذائية، إلى جانب مؤشر سريع جديد تم تطويره من خلال تحليل أسعار المنتجات الغذائية في شبكات البيع بالتجزئة. والذي يقدم أدلة أولية على زيادة الطلب وارتفاع متوسط الأسعار بنحو 2% في السلة الغذائية في الأسابيع الأخيرة منذ اندلاع الحرب (بدون الفواكه والخضروات). وتتفق هذه الاتجاهات حتى الآن مع نتائج التحليل.
- تأثير الحرب على ظروف السوق
2.1 الطلب
تؤثر الحرب على جانب الطلب من خلال ثلاث قنوات رئيسية: التأثير على مستوى الطلب، والتأثير على مرونة الطلب، وتحول الطلب ـ وهو التحول المحتمل للطلب من القطاع الخاص إلى القطاع العام.
2.1.1. التغيرات في مستوى الطلب
من المتوقع أن تؤدي الحرب إلى انخفاض كبير في الطلب الخاص على العديد من المنتجات والخدمات. أولاً، يصاحب عدم اليقين الأمني عدم يقين اقتصادي قد يدفع العديد من الأسر إلى التقشف وخفض الاستهلاك. ثانياً، يتم تجنيد الكثيرين في الخدمة الاحتياطية، وبالتالي لا يحدث الاستهلاك بوتيرة طبيعية. ثالثاً، الأجواء العامة والصدمة التي أعقبت أحداث السابع من تشرين الأول لا تشجع أيضاً على الاستهلاك كما في الأيام العادية. ومع ذلك، فإن تأثير العوامل ليس موحدًا في جميع القطاعات، وفي بعض مجالات يكون التأثير محدوداً.
التأثير على قطاع المواد الغذائية: من المتوقع أن يكون طلب الجمهور على الأغذية في قطاع التجزئة (شبكات التسويق) محصناً إلى حد كبير ضد آثار الحرب، بل وأن ينمو إلى حد ما. مع بداية الحرب، اشتد هذا الطلب نتيجة تخزين الجمهور للمواد الغذائية على خلفية الوضع الأمني، وهو عامل ضعف تأثيره مع مرور الوقت. بالإضافة إلى ذلك، فإن الطلب على المواد الغذائية في شبكات التسويق مدعوم بتعزز ميل الجمهور لتناول الطعام في المنزل كبديل عن تناول الطعام خارج المنزل أو في العمل أو في المطاعم أو في المناسبات.[3] هذا التغير الذي لا يندرج في مؤشر الغذاء الذي نتناوله، يشهد تراجعاً ينجم بدوره عن المخاوف الأمنية، وعن انخفاض رغبة المستهلكين في ممارسة أنشطة الترفيه والتسلية، وعن رغبة الأسر في تقليل النفقات غير الضرورية.
2.1.2. التغيرات في مرونة الطلب
قد لا تؤثر الحرب على مستوى الطلب فحسب، بل قد تؤثر أيضًا على مرونته. وبقدر ما ينخفض الطلب العادي لدى مجموعات معينة من السكان بسبب حالة الحرب، فإن مرونة الطلب الفعالة تمليها المجموعات التي تستمر في استهلاك المنتج أو الخدمة.[4] وبما أن هذه المجموعات أقل تأثراً بالأسعار، فإن القطاع سيخدم مجموعة صغيرة نسبيًا من المستهلكين يكون الطلب لديها أكثر تشديداً. وفي حين أن انخفاض مستوى الطلب يسبب ضغطاً نحو خفض الأسعار، فإن تشديده يعمل في الاتجاه المعاكس (في حال كان هناك ضرر في جانب العرض) وقد يخفف من هذه الضغوط، وقد يكون في ظل ظروف معينة قوياً بما يكفي ليؤدي إلى ارتفاع الأسعار.[5]
التأثير في قطاع المواد الغذائية: بشكل عام، لا نتوقع حدوث تغير كبير في مرونة الطلب على المنتجات الغذائية خلال الحرب. تساهم بعض العوامل في تشديد الطلب. يُنظر إلى تخزين المواد الغذائية على أنه حاجة وجودية، سواء للاستهلاك المنزلي أو بغرض تجهيز جنود الاحتياط. بالإضافة إلى ذلك، فإن تركيبة الطلب آخذة في التغير، وهناك مجموعات سكانية أخرى كانت تتناول طعامها بشكل روتيني في الخارج، وصارت تستبدل هذا النشاط الآن بالطهي وتناول الطعام في المنزل. وفي حال شملت هذه المجموعة مستهلكين شباب من ذوي الدخل المرتفع الذين يعيشون في مراكز حضرية كبيرة، فإنهم سوف يشترون الطعام في البقالات القريبة أو من مصادرة أخرى مرتفعة الثمن، وسيظهرون رغبة محدودة في استثمار الوقت والموارد في البحث عن البدائل منخفضة السعر[6].
من ناحية أخرى، هناك أيضًا عوامل تزيد من مرونة الطلب. إن رغبة المستهلكين السلبية المرتبطة بالخوف من فقدان الدخل ستدفع بعض الأسر إلى استثمار المزيد من الجهود في البحث عن بدائل منخفضة السعر للعلامات التجارية الغذائية المألوفة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الخروج في إجازة غير مدفوعة أو انخفاض مستوى النشاط التجاري سيتيح لبعض الأسر مزيداً من الوقت للعثور على مثل هذه البدائل.
2.1.3. تحول الطلب
في بعض المجالات، من المتوقع أن يحل الطلب الحكومي أو المؤسساتي الآخر محل الانخفاض في الطلب الفردي ويعوض عنه. على سبيل المثال، يتوجب على الحكومة تجهيز وإطعام عدد كبير جداً من قوات الاحتياط، فضلاً عن دعم السكان الذين تم إجلاؤهم من مناطق القتال.
إن الطريقة التي توسع بها الحكومة نشاطها في جانب الطلب مهمة أيضًا لفهم الضغوط على مستوى الأسعار. في بعض المجالات، ستستخدم الحكومة قوتها التفاوضية الكبيرة من أجل شراء الخدمات والمنتجات بسعر مخفض، وفي مجالات أخرى قد تظهر اهتماماً أقل بمسألة السعر. إن تأثير حجم النشاط الحكومي على القدرة التفاوضية للمستهلك الخاص هو أيضًا تأثير معقد وقد يعمل بشكل مختلف في سياقات مختلفة. كما أنه في حين أن انخفاض الطلب الخاص فوري، فإن الزيادة في الطلب الحكومي تكون أكثر تدرجاً، وبالتالي فإن تأثيرها على مستوى الأسعار سيظهر على المدى المتوسط وليس بشكل فوري.
التأثير في قطاع المواد الغذائية: أدت الحرب إلى تحول معين في الطلب على الغذاء من القطاع الخاص إلى القطاع العام. لا يتناول جنود الاحتياط الطعام في منازلهم، ولكن من ناحية أخرى يتعين على الحكومة أن توفر لهم الطعام. إن زيادة نشاط الأجهزة الأمنية الأخرى، مثل شرطة إسرائيل، سيؤدي أيضًا إلى زيادة الطلب على الغذاء من قبل السوق المؤسساتية. ومن المتوقع أن يتنافس هذا الطلب إلى حد ما مع الطلب في القطاع الخاص، وأن يشكل ضغطاً لخفض الأسعار في القطاع مع زيادة إجمالي الطلب على المنتجات الغذائية (للقطاع الخاص والحكومي معاً).
بعد أن انتهينا من مناقشة تأثير الحرب على جانب الطلب، سنناقش الآن آثارها على جانب العرض، مع التمييز بين جانبين: التأثير على هيكل التكلفة، والتأثير على شدة المنافسة.
2.2 هيكل التكلفة
قد يتضرر هيكل التكلفة للشركات خلال الحرب نتيجة لثلاثة عوامل محتملة: زيادة أسعار المدخلات أو تضرر توافرها؛ التغيرات في عرض العمالة؛ والأضرار بتكنولوجيا الإنتاج.
2.2.1 أسعار المدخلات وتوافرها: السلع والمواد الخام
بما أن الأزمة ليست عالمية، سيكون من الممكن الاستمرار في استيراد معظم المدخلات اللازمة لتشغيل الإنتاج المحلي.[7] ومع ذلك، هناك عوامل تجعل من الصعب استيرادها. إن انخفاض حجم الحركة البحرية والجوية، وكذلك ارتفاع الأسعار أو صعوبة تأمين نقل المنتجات إلى إسرائيل، يؤثر سلبًا على هيكل التكلفة المحلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن استمرار انخفاض سعر الصرف، سيؤدي إلى ارتفاع سعر السلع والمواد الأولية بالشيكل.[8]
تتضمن سلسلة القيمة أيضًا بنود موجودة فعليًا في إسرائيل. إن تعبئة الخدمة الاحتياطية والأضرار التي لحقت بالمجتمع المدني، إلى جانب النقص في العمالة الفلسطينية والأجنبية بسبب الحرب، يصعب على نشاط الموردين المختلفين وأنشطة شركات التوزيع. ولذلك فإن تحليل تأثير الحرب على قطاع معين يجب أن يتضمن مسحاً لموردي هذا القطاع وموقعهم الجغرافي وحالتهم.
التأثير على قطاع المواد الغذائية: تظهر آثار الحرب على أسعار المدخلات وتوافرها في هذا القطاع على طول سلسلة القيمة. أسفرت الحرب عن أضرار مباشرة وواسعة للمنتجات الزراعية الطازجة.[9] وإضافة إلى الضرر الذي لحق بإمدادات الفواكه والخضروات الطازجة في الأسواق (والتي لا يتم شملها في مؤشر أسعار المواد الغذائية الذي سنعرضه لاحقاً)، فإن ذلك يعني أيضاً ضرراً يلحق بقطاعات غذائية أخرى تستخدم الفواكه والخضروات في إنتاجها، مثل الخضار المجمدة والأغذية المعلبة. إن القدرة على تعويض الانخفاض في توافر الخضار الطازجة في قطاع التجزئة من خلال الاستيراد من تركيا أو الأردن، على سبيل المثال، محدودة، وذلك من بين أمور أخرى، بسبب خوف الشبكات من مقاطعة المستهلكين. ومن المتوقع أن تكون واردات الخضروات كمواد خام للإنتاج أقل تأثراً بهذا الجانب.
يتم إنتاج معظم المنتجات الزراعية الطازجة في إسرائيل كما ذكرنا، باستثناء جميع الحبوب والزيوت التي يتم استيرادها من الخارج، وطالما استمرت الحرب واستمر انخفاض حجم الحركة البحرية إلى إسرائيل، فإن القيود على المخزون ستستمر في الاثقال على هيكل التكلفة لدى العديد من الشركات العاملة في مجال الصناعات الغذائية، كما يتأثر استيراد المنتجات الغذائية الجاهزة إلى إسرائيل بطريقة مماثلة.
2.2.2 توافر اقوى العاملة
في مجالات مثل الزراعة أو البناء، يظهر انخفاض كبير في توافر القوى العاملة في الميدان. في العديد من المجالات، انخفض جزء كبير من تعداد العمال نتيجة لتجنيد العمال في الخدمة الاحتياطية، مما يحد أيضًا من قدرة تشغيل الزوج/ الزوجة الذي لم يتم تجنيده/ا. بشكل عام، فإن الضرر الذي لحق بعرض العمالة غير متجانس في جميع القطاعات، وهناك أيضًا عوامل قد تعوضه، مثل قدرة بعض القطاعات على إعادة تشغيل بعض العمال الذين تركوا العمل.[10]
التأثير على قطاع المواد الغذائية: تعرضت وفرة العمالة في قطاع الأغذية لأضرار كبيرة نتيجة للحرب، وفي محطات متعددة من سلسلة القيمة. وتعاني وفرة العمالة في قطاع الزراعة من أزمة حادة بسبب مغادرة العمال الأجانب البلاد.[11] على الرغم من الرغبة الواسعة لدى الجمهور للتطوع للعمل في الزراعة، إلا أن معظم المتطوعين لا يتمتعون بالمهارة أو القدرة على العمل المطلوبة في هذا المجال. في بداية الحرب، قدرت وزارة الزراعة أن هناك نقصًا بعشرات الآلاف من العاملين في القطاع وحاولت الدولة معالجة هذا النقص، من بين أمور أخرى، من خلال برنامج المنح الذي يحفز العمل في الزراعة. وخلال الفترة التي مرت منذ ذلك الحين، انخفض هذا النقص بشكل كبير.
تأثر عرض العمالة في الأنظمة اللوجستية والتشغيلية لشركات الأغذية أيضاً نتيجة التجنيد المكثف للخدمة الاحتياطية، فضلاً عن وقوع بعض الأنشطة قريباً من مناطق النزاع. ولم يستثني الضرر الذي لحق بعرض العمالة قطاع التجزئة أيضًا، على الرغم من وجود مؤشرات على تراجع كبير في هذا الضرر خلال الأسابيع الأخيرة.
2.2.3 التكنولوجيا
يشير مفهوم التكنولوجيا إلى الطريقة التي تقوم بها الشركات بتحويل المدخلات إلى مخرجات. إن الفترة التي يتم فيها تجنيد جزء من القوى العاملة للخدمة الاحتياطية أو فقدان تركيزهم على العمل قد يلحق الضرر بالمعرفة التنظيمية والذاكرة ويؤدي إلى ضرر في كفاءة الإنتاج يتجاوز الضرر الناجم عن نقص المدخلات نفسها. ومن الممكن أيضًا أن يلحق الضرر بالتكنولوجيا إذا أجبر الوضع الأمني بالقرب من موقع النشاط الشركة على التصرف بما يخالف أنماط عملها العادية.
على غرار المناقشة المذكورة أعلاه حول توافر عوامل الإنتاج، فإن تحليل تأثير الحرب على تكنولوجيا الإنتاج في قطاع معين يجب أن يتضمن أيضًا مسحاً للموقع الفعلي حيث توجد أيضًا معظم وسائل الإنتاج وموردي الشركات البارزين. وكلما كان الجزء الأكبر من هذه الوسائل موجوداً في المناطق القريبة من خط النزاع، كلما كان من المتوقع حدوث المزيد من الاضطرابات والأضرار التي قد تلحق بإمدادات القطاع، الأمر الذي سيشكل ضغوطاً نحو رفع الأسعار فيه.[12]
التأثير على قطاع المواد الغذائية: من المتوقع أن يكون هناك تأثير كبير على الإنتاجية، خاصة في قطاع الزراعة بسبب مغادرة العاملين المهرة. تتطلب العديد من الأعمال في هذا القطاع مهارة تؤثر بشكل كبير على الإنتاجية. إن الاعتماد على المتطوعين أو العاملين المؤقتين لا يسمح للقطاع بالعمل بمستويات إنتاجيته المعتادة. وفي مجالات أخرى مثل الإنتاج والتسويق، من المتوقع أن يكون الضرر على الإنتاجية أقل.
2.3 قوة السوق وتعزيز المنافسة
بالنظر إلى الطلب وهيكل التكلفة، يتم تحديد مستوى الأسعار أيضًا بناء على المنافسة في القطاع. ولذلك، يركز العامل الثالث الذي تمت مناقشته على التغيرات المحتملة في هيكل السوق وقوة السوق نتيجة لحالة الحرب.
خلقت أزمة كورونا "ملعباً" مفتوحاً أمام الشركات الكبيرة، لأنه من أجل مواصلة العمل، كان على الشركات القيام باستثمارات تدعمها ميزة الحجم مثل الامتثال لشروط "الإشارة الأرجوانية" أو الوقاية من الأمراض والعدوى في مواقع الإنتاج والخدمة. في نهاية وباء كورونا، أدى استمرار الشركات الكبيرة في العمل على مستوى "المنبع" إلى تعزيز قوتها السوقية مؤقتًا.[13]
إن حالة الحرب الحالية مختلفة وليس من المتوقع بالضرورة أن تؤدي إلى زيادة قوة السوق أو المركزية على طول سلسلة القيمة من خلال قنوات مماثلة. النشاط الاقتصادي مسموح به من قبل قيادة الجبهة الداخلية في معظم أنحاء البلاد ومن غير المتوقع أن يؤدي تأثير إجراءات الطوارئ إلى الحد بشكل كبير من أنشطة الشركات الصغيرة مقارنة بالشركات الكبيرة. ومع ذلك، هناك ظروف معينة حيث تقيد حالة الحرب صغار الموردين وتمنح أفضلية للاعبين الكبار.
حتى استدعاء عدد صغير جداً من العاملين لدى أصحاب العمل المستقلون والمصالح التجارية الصغيرة التي توظف عدداً قليلاً من العمال للخدمة الاحتياطية، سيعرض هذه المصالح لأزمة كبيرة تصل إلى حد التوقف عن العمل. بالإضافة إلى ذلك قد يتطلب وضع الحرب إجراء عمليات تكيف تمنح أفضلية للمصالح الكبيرة. على سبيل المثال، يمكن لشركة تمتلك أسطولًا كبيرًا من المركبات أو غيرها من البنى التحتية اللوجستية الهامة التكيف مع الوضع حتى لو اضطرت لتعطيل بعض مواردها. بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك ميزة للحجم في القدرة على الحد من المخاطر، بما في ذلك مخاطر العملة، بطريقة تفيد اللاعبين الكبار. كما تخلق حالات الطوارئ ظروفاً تسمح بالتواصل بين اللاعبين الرئيسيين في النظام الاقتصادي بحيث ينسقون أنشطتهم بطريقة تضر بالمنافسة. وفي هذا السياق، نلاحظ أن مستوى الاهتمام العام والتنظيمي بمسألة المنافسة قد يكون محدوداً للغاية خلال فترات الطوارئ.
من ناحية أخرى، وفي حال سمح الاهتمام العام بذلك، فقد يظهر توجه عام أو تدابير تتخذها الحكومة للعمل ضد زيادة الأسعار (كظواهر الـ shaming بمختلف أنواعها) بطريقة من شأنها أن تجبر الشركات على التقليل من أرباحها (markup squeeze).[14]
في الختام، ليس من المتوقع أن يكون تأثير الحرب على قوة السوق التي تؤثر على الأسعار موحدًا، وبالتالي من الصعب اعتبار تعاظم قوة السوق على خلفية الحرب عاملاً ذا تأثير واسع على مستوى الأسعار في النظام الاقتصادي.
التأثير على قطاع المواد الغذائية: في قطاع الأغذية، هناك تأثيران متناقضان على القوة السوقية لكبار الموردين على المدى القصير. فمن ناحية، يمكن أن تتعزز القوة السوقية للاعبين الرئيسيين بسبب التسهيلات التنظيمية المؤقتة مثل الإعفاء من متطلبات تحديد الأسعار أو من القيود المفروضة على ترتيب الرفوف من قبل كبار الموردين.[15] بشكل عام، فإن هذه التدابير ستجعل من الصعب على المستهلكين مقارنة الأسعار وتصعب على صغار الموردين الحصول على مساحة واضحة على الرفوف. هناك مساهمة أخرى في القوة السوقية لكبار الموردين تأتي من الأضرار التشغيلية الطبيعية التي يتعرض لها صغار الموردين الذين هم أكثر عرضة لمخاطر التجارة الخارجية والعملة والأضرار التي تلحق بالموارد البشرية بسبب الخدمة الاحتياطية أو القرب من الحدود.
من ناحية أخرى، فإن للمناخ العام قدرة على التأثير على المدى القصير على قدرة الموردين وتجار التجزئة الكبار على رفع الأسعار بشكل كبير خلال زمن الحرب. حتى في ظل هذه الظروف، لا يزال بإمكان الشركات على طول سلسلة القيمة رفع الأسعار من خلال اتخاذ خطوات غير واضحة مثل الحد من العروض الترويجية أو تصغير العبوات. أضف على ذلك، من المحتمل أن يتلاشى هذا التقييد الاستهلاكي على المدى المتوسط، حين تتلاشى بعض العوامل التي تدعم تعزيز قوة السوق (مثل الأضرار التشغيلية التي لحقت بصغار الموردين) بسبب استمرار حالة الحرب. قد يكون لزيادة الاهتمام العام بالقضايا التنظيمية والتنافسية تأثير حقيقي على تحقيق مثل هذه السيناريوهات.
- ملخص التأثيرات على قطاع المواد الغذائية والنتائج التجريبية الأولية
سنلخص في هذا القسم القوى المؤثرة في سوق المواد الغذائية وتقييم تأثيرها الإجمالي. بعد ذلك، سنستخدم بيانات عالية التكرار حول إنفاق المستهلكين على المنتجات الغذائية وأسعارها لدراسة حالة السوق في الأشهر الأولى بعد اندلاع الحرب. وهذه فرصة للتأكيد على أن هذا التحليل لا يشكل فحصًا رسميًا للفرضيات التي تمت صياغتها في الجزء الأول، بل عرضًا للأنماط التي تتوافق مع القوى الاقتصادية الموصوفة.
3.1 ملخص تأثيرات الحرب على قطاع المواد الغذائية
يلخص الجدول 1 تحليل تأثير الحرب على عوامل العرض والطلب في قطاع الأغذية، ويعتبر بمثابة مثال للناتج النهائي للإطار التحليلي. خلاصة القول، أن معظم هذه العوامل تعمل في اتجاه ضغط معين لرفع الأسعار. وعلى المدى القصير، فإن هذا التأثير يخضع لتحسب الشركات الكبيرة من رد فعل المستهلك أو حتى مقاطعة المستهلكين للشركات التي ترفع الأسعار بشكل ملحوظ وواضح خلال الحرب. ومع ذلك، قد ترتفع الأسعار فعليًا نتيجة لتدابير أقل وضوحًا مثل تقليل العروض الترويجية أو تصغير العبوات. وعلى المدى المتوسط، من المحتمل أن يضعف ضبط النفس التنافسي، ومن ناحية أخرى، مع استمرار الأزمة الأمنية، من المتوقع أن تستمر العوامل التي تدفع نحو رفع الأسعار، مع احتمال رفع الأسعار في المستقبل أيضًا.
الجدول 1 – ملخص تحليل تأثير الحرب على سوق المواد الغذائية
العامل |
تأثير الحرب على العامل |
التأثير المتوقع على السعر |
الطلب |
|
|
|
ارتفاع (التجهيز في المنزل، تبرعات، استبدال الأكل في المطاعم) |
+ |
|
الطلب أقل مرونة بسبب حالة الطوارئ، والتغير في تركيبة الطلب في تجارة التجزئة، ومن ناحية أخرى زيادة المرونة بسبب حاجة وقدرة العديد من الأسر على تقليل النفقات |
~ |
|
قد يحل الطلب العام محل الطلب الخاص. |
~ |
التكاليف |
|
|
|
المس بتوفر المنتجات الزراعية وتكاليف الاستيراد بسبب سعر الصرف وانخفاض الحركة البحرية والجوية |
+ |
|
المس بالإنتاجية الزراعية، تأثير محدود في التصنيع والتجزئة |
+ |
|
نقص العمالة على طول سلسلة القيمة، تراجع في تجارة التجزئة |
+ |
القوة السوقية |
على المدى القريب من المتوقع ظهور تأثيرات معاكسة: تخفيف القيود التنظيمية من ناحية والخوف من ردود الفعل الشعبية من ناحية أخرى. وعلى المدى المتوسط قد تتراجع الضغوط التنافسية. |
~ |
خلاصة القول: يؤدي الطلب القوي وكذلك المس بهيكل التكلفة إلى رفع الأسعار. ويقابل هذا التأثير إلى حد ما التحسب من رد فعل المستهلك، وخاصة بالنسبة للشركات الكبيرة في قطاعات التصنيع والاستيراد والتجزئة. ولذلك نتوقع ضغوطاً لرفع الأسعار على المدى القصير، والتي قد تزداد على المدى المتوسط مع ضعف القيود التنافسية. |
3.2 قطاع المواد الغذائية في فترة الحرب: بيانات أولية وتطوير مؤشر "سريع" لأسعار المواد الغذائية
أحد التحديات التي تواجه التحليل الاقتصادي أثناء الأزمة هو طول الفترة الزمنية التي تمر حتى ينعكس تأثير الأزمة بشكل واضح وكامل في قوائم البيانات الطبيعية. لذلك، إلى جانب الإطار التحليلي، سنعرض أيضاً إطاراً أولياً في الوقت الفعلي حول تأثير الحرب على قطاع الأغذية كما تنعكس في البيانات المتاحة لنا في الوقت الحالي. يستخرج هذا التحليل معلومات حديثة من مصدرين رئيسيين للمعلومات: بيانات الإنفاق ببطاقات الائتمان، وقاعدة بيانات أسعار التجزئة التي تتضمن معلومات عن أسعار المنتجات المباعة في شبكات بيع المواد الغذائية والمستحضرات الصيدلانية بالتجزئة على أساس يومي.[16] كما سنعرض أدناه، فإننا نستخدم قاعدة بيانات أسعار التجزئة لتطوير مؤشر "سريع" لأسعار المواد الغذائية بناءً على البيانات المتوفرة يوميًا وبدقة عالية.
الإنفاق ببطاقات الائتمان. كما يتبين من الشكل 1، بعد اندلاع الحرب كانت هناك قفزة بنحو 40% في الإنفاق ببطاقات الائتمان على الطعام مقارنة بمستواها في الأول من تشرين الأول. وحتى بعد الاعتدال الذي طرأ بعد بضعة أيام، لا يزال الإنفاق أعلى بنحو 15% مقارنة بما كان عشية الحرب.
هذه الزيادة ملحوظة مقارنة بالإنفاق ببطاقات الائتمان على غير الغذاء، والذي انخفض بنحو 30% في البداية وبنحو 25% في نهاية تشرين ثاني 2023. والرقم الآخر المثير للاهتمام هو الانخفاض الحاد في الإنفاق على المطاعم، والذي يشكل بديلاً جزئياً للإنفاق على المواد الغذائية في شبكات البيع بالتجزئة، والذي انخفض بنحو 40% في الأيام الأولى للحرب لكنه انتعش بشكل ملحوظ فيما بعد، بل وعاد ليتجاوز المستوى الأساسي.
تتوافق ديناميكيات الإنفاق الموصوفة على الغذاء مع وصف تأثيرات الحرب على الطلب كما هو موضح في القسم 2.1 أعلاه. قفز الطلب في البداية بسبب الحاجة إلى تخزين المنتجات الغذائية في بداية الحرب، ثم انخفض، لكنه ظل أعلى بكثير من مستواه الأولي نتيجة عوامل أخرى داعمة للطلب القوي على الغذاء خلال الحرب. لذلك، على عكس القطاعات الأخرى التي يؤدي فيها انخفاض مستوى الطلب إلى ضغط نحو خفض الأسعار ويحد من ضغوط العرض التي تعمل في الاتجاه المعاكس، لا يوجد مثل هذا الحاجز الأساسي في قطاع الأغذية.
الشكل 1: التغير في الإنفاق ببطاقات الائتمان
(تشرين أول 2023 إلى كانون أول 2023)
ملاحظات: معدل التغير التراكمي من 1 تشرين أول 2023 محسوبًا وفق المتوسطات المتحركة لمدة 7 أيام معدلة موسمياً.
المصدر: بنك إسرائيل، الخدمات البنكية الأوتوماتيكية.
التغيرات في الإنفاق ببطاقات الائتمان هي مزيج من التغيرات في الكمية والتغير في الأسعار. ومن غير الممكن أن نعرف مسبقاً إذا كانت الزيادة في الإنفاق على الغذاء ترجع إلى ارتفاع الأسعار، أو زيادة الكمية، أو مزيج من الاثنين. ومن أجل الفصل بين التغيرات في الأسعار والكمية، يجب أيضًا الحصول على صورة ظرفية محدثة للتغيرات في أسعار التجزئة نفسها، كما هو موضح أدناه.
أسعار التجزئة ومؤشر أسعار المواد الغذائية السريع. من أجل تقديم صورة محدثة عن مستوى أسعار المواد الغذائية بالتجزئة على فواصل زمنية قصيرة، بدأ بنك إسرائيل بحساب مؤشر جديد يعكس سعر السلة التي تضم حوالي 40 منتجاً غذائياً أساسياً بدون الفواكه والخضروات الطازجة (يشار إليها فيما يلي باسم "المؤشر السريع لأسعار المواد الغذائية"). ومن الضروري التأكيد على أن مؤشر أسعار المستهلك الذي تنشره دائرة الإحصاء المركزية هو بالطبع أكثر شمولا ودقة (وهو أيضاً المؤشر المعتمد لدى واضعي السياسات)، ولكن آثار أزمات مثل الحرب تنعكس فيه بتواتر منخفض (شهري) وبتأخير معين، حيث يتم استلام بيانات المؤشر للشهر الحالي فقط في 15 من الشهر التالي. يوفر المؤشر السريع صورة أولية، بوتيرة يومية وفي الوقت الحقيقي، بشأن اتجاهات الأسعار.
بالإضافة إلى مسألة الوتيرة، فإن مؤشر الأسعار للمستهلك لا يعكس التغيرات الحادة التي تحدث خلال الأزمة في حجم الإنفاق لمختلف البنود. وبما أن المؤشر السريع المعروض هنا يستند أيضًا إلى أوزان الاستهلاك الخاصة بدائرة الإحصاء المركزية، فهو بالتالي يعاني من قيود مماثلة، إلا أن التركيز على الغذاء يخفف من أثر هذه القيود إلى حد ما. وفي حين أن الإنفاق الفعلي على بنود مثل السياحة والأنشطة الترفيهية قد انخفض بشكل حاد خلال الحرب، فمن المتوقع أن تكون التغيرات في الوزن النسبي للإنفاق على المنتجات الغذائية المختلفة التي تباع في شبكات البيع بالتجزئة أكثر تواضعاً.
يتضمن المؤشر قائمة منتجات من أربع فئات عامة - الأغذية الجافة والمشروبات والزيوت (الأرز، العصير، زيت الكانولا، وما شابه)؛ اللحوم والدواجن والأسماك؛ المعجنات؛ البيض ومنتجات الألبان. يتم جمع أسعار المنتجات التي تظهر في المؤشر بشكل يومي من جميع المتاجر التابعة لعدد محدد من شبكات التسويق الرائدة، والتي تغطي جزءًا كبيرًا من السوق. في الخطوة الأولى يتم احتساب سعر السلة لكل شبكة على النحو التالي: يتم تعريف سعر كل منتج على أنه السعر المتوسط لمنتجات مماثلة (على سبيل المثال، عبوة أرز بوزن 1 كغم) في كل شبكة من شبكات التسويق (عبر جميع متاجر تلك الشبكة)، ويتم حسابه وفقًا للوزن النسبي لذلك المنتج (أو المنتج القريب منه بحكم التعريف) في السلة الغذائية بحسب دائرة الإحصاء المركزية. في الخطوة الثانية، يتم حساب مؤشر الغذاء على أنه المتوسط المرجح للسلال الغذائية لشبكات التسويق المختارة، حيث يعبر وزن السلة في كل شبكة تسويق عن حصتها السوقية النسبية.
يعرض الشكل 1-أ المعطى اليومي للمؤشر السريع لأسعار المواد الغذائية (يقدر بحيث يساوي 100 في 5 تشرين 2023) والشكل 1-ب معدل التغير الشهري للمؤشر السريع (المتوسط الشهري مقارنة بمتوسط الشهر السابق) مقارنة بمعدل التغير الشهري في مؤشر الغذاء بعد خصم بند الوجبات خارج المنزل بحسب دائرة الإحصاء المركزية، ونظراً لمحدودية البيانات المتوفرة لدينا حتى كتابة هذه السطور، نعرض تطور المؤشر من تشرين ثاني 2022 إلى كانون أول 2023. كما ترون على الجانب الأيمن من الشكل، يعكس المؤشر زيادة بنحو 2% في سعر السلة مباشرة بعد اندلاع الحرب (مميزة بالخط البرتقالي المتقطع) وبقائه عند مستوى أقل قليلاً المستوى في وقت لاحق أيضًا مع إظهار بعض التقلبات. وفي المجمل يمكن القول أن مستوى أسعار المواد الغذائية ارتفع بنسبة تزيد على 1% في المتوسط في الفترة التي تلت اندلاع الحرب مقارنة بالأشهر التي سبقتها.
لأغراض التحقق من صحة مؤشر الغذاء السريع، تتم مقارنة معدل التغير الشهري للمؤشر الذي يظهر على الجانب الأيسر من الشكل 1 بمعدل التغير الشهري لمؤشر أسعار المواد الغذائية الصادر عن دائرة الإحصاء المركزية، باستثناء الوجبات خارج المنزل. كما نلاحظ فإن الاتجاه الظاهر في الأشهر الماضية مشابه لاتجاه التغيير بحسب دائرة الإحصاء المركزية، على الرغم من أنه أكثر تقلبًا من تقديرات دائرة الإحصاء المركزية، ويرجع ذلك على ما يبدو إلى تركيزه على سلة غذاء أصغر [17].
الشكل 2: مؤشر السلة الغذائية بناءً على قاعدة بيانات أسعار التجزئة
(كانون ثاني 2023 – كانون أول 2023)
(أ) المؤشر السريع لأسعار الأغذية |
(ب) نسبة التغير الشهرية |
ملاحظات: يوضح هذا الشكل المؤشر السريع لأسعار المواد الغذائية محسوباً وفق قاعدة بيانات أسعار التجزئة. تشمل السلة المنتجات الغذائية فقط، دون الفواكه والخضروات الطازجة، ويتم أخذ العينات فيه من عدد محدد من شبكات التسويق الرائدة، مع ترجيح كل شبكة على أساس حصتها النسبية من السوق. يتم تقدير المؤشر اليومي (الجانب الأيمن) بحيث تكون قيمته عشية الحرب (5 تشرين أول) 100. يتطرق معدل التغير الشهري لدى دائرة الإحصاء المركزية (الشكل الأيسر) إلى مكون الغذاء في مؤشر الأسعار للمستهلك، مطروحًا منه بند الوجبات خارج المنزل.
المصدر: بنك إسرائيل، دائرة الإحصاء المركزية.
تلخيص:
قدمنا إطاراً تحليلياً وتجريبياً للتأثيرات الرئيسية للحرب على قوى العرض والطلب في مختلف قطاعات الاقتصاد. ركزنا على صناعة المواد الغذائية نظرا لأهميتها وثقلها الكبير في مؤشر الأسعار للمستهلك، ولكن الإطار التحليلي الذي قدمناه يمكن استخدامه أيضا لتحليل قطاعات أخرى. وقد كشف الإطار التحليلي أن مجمل تأثيرات الحرب على قطاعات المواد الغذائية يضغط في اتجاه رفع معين في الأسعار. ويدعم هذا التحليل بيانات جديدة معروضة بهدف تقديم صورة محدثة عن الظروف في سوق المواد الغذائية. ويدعم الإطار التجريبي المبني على بيانات الإنفاق ببطاقات الائتمان الاستنتاج بأن الطلب على المنتجات الغذائية لا يزال قوياً، بل وتعزز خلال الحرب، وأن هذه الظاهرة لا تقتصر على الأيام الأولى من القتال فقط. ويتوافق المؤشر اليومي السريع لأسعار المواد الغذائية، والذي يهدف إلى توفير مؤشر أولي للاتجاهات، أيضًا مع هذا الاستنتاج.
[1] تناقش هذه المذكرة التغيرات في مستوى الأسعار نتيجة الأزمات التي لحقت بالطلب والعرض على مستوى القطاع الفردي. لا تتناول المذكرة التضخم بمعناه الأوسع - أي الزيادة المستمرة والأفقية في الأسعار على مستوى الاقتصاد الكلي.
[2] المقصود هو مكون الغذاء في مؤشر الأسعار للمستهلك، باستثناء بند الوجبات خارج المنزل.
[3] يسبب انخفاض الرغبة أو القدرة على السفر إلى الخارج بتحويل الطلب نحو الاقتصاد المحلي، بما في ذلك المنتجات الغذائية.
[4] إن التغيرات في عادات الاستهلاك ستجعل من الصعب علينا تفسير صورة التضخم التي تأتي من دائرة الإحصاء المركزية، والتي يتم فيها قياس المؤشر لسلة ذات أوزان ثابتة تعكس عادات الاستهلاك في الأوقات العادية.
[5] انظر على سبيل المثال ظاهرة " generic drugs paradox" في قطاع الأدوية - ينخفض الطلب على الدواء الأصلي بسبب دخول نسخته البديلة إلى السوق، لكن سعره لا ينخفض لأن المستهلكين الذين يستمرون في شرائه يعلقون أهمية خاصة على شرائه بالتحديد.
Scherer, Frederic M. 1993. Pricing, Profits, and Technological Progress in the Pharmaceutical Industry. Journal of Economic Perspectives 7 (3): 97–115.
[6] من ناحية أخرى، قد يظهر المستهلكون "الجدد" قدرا أقل من الجمود في قرارات الشراء ويظهرون استعدادا متزايدا لتجربة بدائل رخيصة للعلامات التجارية الغذائية باهظة الثمن. Eizenberg, Alon, and Alberto Salvo. "The rise of fringe competitors in the wake of an emerging middle class: An empirical analysis." American Economic Journal: Applied Economics 7.3 (2015): 85-122.
[7] أحد الاستثناءات من هذا التصريح هو احتمال توسع الحرب على نحو يؤدي إلى أزمة عالمية بكل ما يترتب عليها من عواقب، بما في ذلك أسعار النفط والسلع الأخرى.
[8] حتى وقت كتابة هذه السطور، عاد سعر الصرف إلى مستواه عشية الحرب، لكن عدم اليقين بشأن مدة الحرب واتساعها يخلق مخاطر في مسألة العملة بالنسبة للمستوردين ويؤثر على عقود شراء المدخلات.
[9] تتولى المجالس الإقليمية الخمسة في النقب الغربي مسؤولية ربع مساحة المحاصيل الحقلية ونحو ثلث مساحة زراعة الخضروات في إسرائيل.
[10] انظر التحليل الخاص لشعبة البحوث في بنك إسرائيل: "التكلفة الاقتصادية للتغيب عن العمل خلال حرب "السيوف الحديدية" (تشرين الثاني 2023).
[11] في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى قتل واختطاف العمال الأجانب على يد حماس وتأثير ذلك على رغبة العمال في البقاء والعمل في إسرائيل.
[12] من الممكن أن تكون التطورات الحالية حافزاً لزيادة الكفاءة وتبني التقنيات الجديدة، لكن من غير المتوقع أن يؤثر تأثيرها على ديناميكيات الأسعار على المدى القصير.
[13] يشير مصطلح "المنبع" إلى المراحل المبكرة في سلسلة التوريد، أي الموردين والمنتجين للمواد الخام اللازمة لتصنيع المنتجات.
[14] انظر على سبيل المثال "مذكرة قانون حماية المستهلك (السيوف الحديدية - أمر مؤقت)، 2023"
[15] يمكن أن تتعزز القوة السوقية لشبكات التسويق أيضاً نتيجة للضرر الذي يلحق بقدرة المستهلكين على مقارنة الأسعار.
[16] في عام 2014، أقر الكنيست "قانون تعزيز المنافسة في قطاع المواد الغذائية" والذي يلزم شبكات البيع بالتجزئة الكبيرة بالإبلاغ عن أسعار جميع المنتجات التي تبيعها في فروعها يوميًا. أنشأ بنك إسرائيل ويدير قاعدة بيانات لحفظ البيانات التي تنشرها الشبكات بانتظام.
[17] على الرغم من التباين الكبير نسبياً في مؤشر أسعار المواد الغذائية السريع، فإن التغير التراكمي فيه خلال الأشهر من كانون الأول 2022 إلى تشرين الثاني 2023 بلغ حوالي 4%، وهو قريب نسبياً من التغير التراكمي في مؤشر أسعار المواد الغذائية وفقاً لدائرة الإحصاء المركزية، باستثناء الوجبات خارج منزل والذي بلغ 3.1%.