لعرض هذا البيان الصحفي كملف، اضغط هنا
تحية للجميع،
نحن على أعتاب عام ميلادي جديد. كان عام 2024 المنصرم عاماً مليئاً بالتحديات الأمنية والاقتصادية، وما زال الاقتصاد الإسرائيلي يُظهر قوته. لقد واجهنا، وما زلنا نواجه كدولة ومجتمع، حرب السيوف الحديدية، وآثارها الواسعة التي لا تزال تترك بصمات واضحة على كافة مجالات حياتنا. إن الواقع الأمني المعقد وتأثيراته على الاقتصاد والنظام الاقتصادي ماثل أمامنا ويوجهنا عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية.
أجرى بنك إسرائيل أمس واليوم مناقشات مع لجنة النقد من أجل اتخاذ قرار السياسة النقدية. في نهاية المناقشات، قررت اللجنة النقدية إبقاء سعر الفائدة دون تغيير عند 4.5%.
تمحورت مناقشات اللجنة حول وضع النظام الاقتصادي وتحليل العمليات الاقتصادية المختلفة وتأثيرات الحرب على الاقتصاد.
إن الوضع الكلي للنظام الاقتصادي الإسرائيلي آخذ في التحسن. ومع ذلك، فإن تأثير الحرب وعدم اليقين وتحديات أخرى لا تزال قائمة. لا يزال التضخم أعلى من الهدف ومن المتوقع أن يرتفع خلال النصف الأول من العام، من بين أمور أخرى بسبب الزيادات الضريبية، في حين من المتوقع أن يعتدل في النصف الثاني. في بداية الحرب، كانت هناك قيود كبيرة على العرض لكنها بدأت تتراجع تدريجياً. في الوقت نفسه، طرأ خلال الأشهر الأخيرة انتعاش في جانب الطلب. تلعب الملاءمة بين إجمالي العرض والطلب دوراً مركزياً في تهيئة الظروف لاستقرار الأسعار واعتدال التضخم. إن التطور المستقبلي للعرض والطلب وعدم الموازنة بينهما يضيف حالة من عدم اليقين إلى السياسة النقدية. كما انخفضت علاوة المخاطر في النظام الاقتصادي، من بين أمور أخرى على خلفية التطورات الجيوسياسية، ووقف إطلاق النار في الشمال، وانخفاض حدة الحرب، والمصادقة على الميزانية في الحكومة، وحزمة الإجراءات الضريبية في الكنيست، مما أدى إلى تحسن ثقة الأسواق في إسرائيل. مع ذلك، لا تزال علاوة المخاطر عند مستوى مرتفع مقارنة بمستواها قبل الحرب. على ضوء ذلك كله، تواصل اللجنة النقدية انتهاج سياسة نقدية حذرة تعكس ضرورة التعامل مع حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي المستمرة. وينبع هذا القرار من تقدير اللجنة بأن عوامل الخطر على التضخم تميل نحو التعاظم.
سأتطرق الآن بمزيد من التفصيل إلى الاعتبارات الأساسية التي أخذناها في الاعتبار عند اتخاذ القرار وسأفصّل التطورات الاقتصادية الرئيسية في إسرائيل والعالم.
استقر معدل التضخم خلال الاثني عشر شهراً الماضية ليصل إلى 3.4%، وهو أعلى من الحد الأعلى للنطاق المستهدف. بنظرة مستقبلية، من المتوقع أن يرتفع معدل التضخم خلال الربع الأول من العام إلى حوالي 4%، وذلك من بين أمور أخرى بسبب الزيادات الضريبية المتوقعة، ليعود للاعتدال ضمن حدود الهدف فقط في النصف الثاني من العام. سيكون لتطور بيئة التضخم والنشاط الاقتصادي والمخاطر الجيوسياسية والمالية تأثير هام على تحديد مسار السياسة في المستقبل.
من تحليل النشاط الحقيقي في الاقتصاد، يتبين أنه في الربع الأخير من عام 2024 استمر النشاط بالانتعاش، لكن الناتج المحلي الإجمالي ظل أقل من الاتجاه طويل الأجل، خاصة بعد خصم تأثير ارتفاع واردات السيارات.
في شهري تشرين الثاني وكانون الأول، طرأت زيادة في الإنفاق ببطاقات الائتمان وتحسن في صافي الرصيد في مسح الاتجاهات. تجاوز الارتفاع في تجنيد رأس مال شركات التكنولوجيا المتفوقة المتوسط الذي ساد قبل الحرب وأصبح مماثلاً لمستواه في عام 2019، وظلت الإيرادات الضريبية مستقرة عند مستوى مرتفع. من ناحية أخرى، بقي المؤشر المدمج لشهر تشرين ثاني دون تغيير، أسوة بمؤشرات شهري أيلول وتشرين أول، ولا يزال مؤشر مديري المشتريات دون خط الاتجاه العام.
سوق العمل لا يزال ضيقاً. فيما ارتفع معدل التوظيف ونسبة المشاركة بشكل طفيف، وظل عدد الوظائف الشاغرة مرتفعاً مقارنة بما كان في أشهر الصيف، وكذلك النسبة بين عدد الوظائف الشاغرة وعدد العاطلين عن العمل. القيود على العرض في سوق العمل، والتي تنبع بشكل أساسي من نقص العمال غير الإسرائيليين والتغيب بسبب الخدمة الاحتياطية، تتراجع تدريجياً ولكنها لا تزال تعيق النشاط الاقتصادي. على الرغم من ضيق سوق العمل، فإن الأجور الحقيقية لم ترتفع بشكل ملحوظ في العام الماضي.
انتعش النشاط في قطاع البناء بشكل طفيف في الربع الثالث من العام، لكن مستواه لا يزال منخفضاً مقارنة بما قبل الحرب، ويتأثر مستواه بشكل رئيسي بالقيود التي لا تزال كبيرة على اليد العاملة. تظهر بيانات دائرة الإحصاء المركزية للربع الثالث أن هناك زيادة مقارنة بالربع السابق في البيانات المتعلقة بمشاريع البناء الجديدة وإنجاز مشاريع البناء وعدد التراخيص الصادرة، ولكن هناك انخفاض مقارنة بالربع المقابل من العام الماضي - قبل الحرب. في الوقت نفسه استمر الاتجاه التصاعدي في أسعار الشقق، حيث ارتفعت الأسعار في العام الماضي بنسبة 6.7%. أداء الرهن العقاري في تشرين الثاني مرتفع ويصل إلى حوالي 8 مليار شيكل. من شأن ارتفاع العرض من البناء لفترة طويلة بما يتجاوز مستواه الحالي، أن يدعم استقرار أسعار الشقق.
منذ قرار السياسة النقدية السابق، ارتفع سعر الشيكل بنسبة 0.5% مقابل الدولار وبنسبة 2.4% مقابل اليورو. انخفضت علاوة المخاطرة وفقاً لـ CDS وهوامش السندات الحكومية بشكل كبير، لكنها لا تزال عند مستوى أعلى مما كانت عليه قبل الحرب. يختتم سوق رأس المال الإسرائيلي عاماً إيجابياً مع ارتفاع ايجابي في مؤشرات الأسهم الرئيسية مقارنة بالأسواق الرائدة في العالم.
تم أخذ هذه القضايا وغيرها في الاعتبار في توقعات الاقتصاد الكلي الأخيرة التي نشرتها شعبة البحوث اليوم. وكما هو الحال مع التوقعات السابقة، تتميز هذه التوقعات أيضًا بمستوى عالٍ من عدم اليقين. ومع ذلك، فقد قللت التطورات الجيوسياسية منذ توقعات تشرين أول من احتمالات تراجع النمو وفقاً لتقدير الشعبة.
تمت صياغة التوقعات على افتراض أن التأثير الاقتصادي المباشر للحرب سيستمر حتى نهاية الربع الأول من عام 2025. يتضمن هذا الافتراض مستوى معتدلاً من حدة القتال حتى بداية عام 2025. تقدر الشعبة أنه خلال فترة التوقعات، سوف تخف القيود الحالية على جانب العرض تدريجياً، وسوف يتعافى الطلب المحلي في البداية بوتيرة أسرع قليلاً. تأخذ التوقعات أيضًا في الاعتبار التأثير المحتمل لتعديلات الميزانية على النشاط في النظام الاقتصادي. وفقًا لتقدير الشعبة، نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 0.6% في عام 2024 ومن المتوقع أن ينمو بمعدل 4.0% في عام 2025، وذلك أعلى قليلاً من توقعات تشرين الثاني. وفي عام 2026، تتوقع الشعبة أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 4.5%.
بحسب التوقعات، فإن التضخم السنوي سيصل في نهاية عام 2025 إلى 2.6% وإلى 2.3% في عام 2026. من المتوقع أن يصل العجز في الموازنة الحكومية لعام 2024 إلى نحو 7%، أي أقل بقليل من توقعات تشرين أول. ويرجع ذلك إلى زيادة أكبر من المتوقع في إيرادات الضرائب في الربع الأخير، من بين أمور أخرى بسبب ارتفاع معدل شراء السيارات، وانخفاض طفيف في تنفيذ النفقات.
من المتوقع أن يصل العجز في عام 2025 إلى 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي. وذلك على خلفية التعديلات التي إجريت منذ قرار الحكومة وتقديراتنا بشأن الإضافات التي ستقدم لموازنة الدفاع ضمن لجنة "ناجل". في عام 2026، من المتوقع أن يصل العجز إلى 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ويرجع ذلك أساساً إلى انتهاء الإنفاق المباشر على الحرب. من المتوقع أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى نحو 67% عام 2024، وإلى نحو 69% عام 2025، ثم تتراجع إلى 67% عام 2026.
منذ بداية الحرب، وطوال فترة إعداد الميزانية، أكدت أنه حتى لو كان من الضروري زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال الحرب، فمن الأهمية بمكان تحديد مسار سياسة يؤدي إلى تراجع حجم الديون لاحقاً. كما ذكرنا سابقًا، فإن إطار الميزانية الذي وافقت عليه الحكومة مع إجراء التعديلات التي وافقت عليها الكنيست بالفعل، كان خطوة مهمة ساهمت في تعزيز ثقة الأسواق في الاقتصاد الإسرائيلي واعتدال علاوة المخاطر.
إضافة لذلك، تم خلال مناقشات الميزانية إضافة عدد من النفقات المدنية ذات الطبيعة الدائمة، وتم التراجع عن عدد من التعديلات ذات الطبيعة الدائمة أو تقليصها. لذلك من المهم أن تتم الموافقة على إطار الميزانية لعام 2025 دون إجراء مزيد من التغييرات، الأمر الذي سيساهم في الحفاظ على ثقة السوق. أضف على ذلك، ومقابل أي تغيير قد يؤدي إلى زيادة العجز بعد عام 2025 في بنود الميزانية، من المهم اعتماد إجراءات بديلة من شأنها أن تمنع زيادة العجز المتوقع. بهذه الطريقة، سيكون الاقتصاد قادراً على التقارب من مسار تنازلي لنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي اعتباراً من عام 2026 وما بعدها. بالإضافة إلى ذلك، إذا وافقت الحكومة على زيادة في ميزانية الدفاع اعتباراً من عام 2026 وما بعدها بناءً على توصيات لجنة "ناجل"، فمن الضروري أن يكون ذلك مصحوباً بتدابير تعويضية تضمن مساراً هبوطياً واضحاً ومستداماً لنسبة الديون إلى الناتج المحلي الإجمالي.
فيما يتعلق بتركيبة الميزانية، وكما قلنا عند صياغتها، كان من الصحيح إدراج المزيد من العناصر التي تدعم النمو على المدى القصير والطويل، مع التركيز على إزالة المعوقات، وخاصة تقليل النفقات التي تخلق حوافز سلبية لدخول سوق العمل وزيادة الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، وإذا كان على المواطنين أن يتحملوا عبء الإجراءات المؤلمة، فمن الأجدر للحكومة أن تعمل على تقليص عدد الوزارات وتقليص أموال الائتلاف التي لا تدعم النمو.
على خلفية الحرب، يبدو أنه ستكون هناك حاجة في السنوات المقبلة إلى زيادة المجندين في جيش الدفاع الإسرائيلي. هذا التطور له عواقب على استقرار النظام الاقتصادي، وأؤكد مرة أخرى على أهمية توسيع دائرة المجندين في الجيش. إلى جانب الاعتبارات الاجتماعية والقيمية، فإن للوضع الحالي الذي لا تشارك فيه أجزاء كبيرة من المجتمع المتدين في الخدمة العسكرية، تكلفة مالية كبيرة. قلنا في السابق أن زيادة نطاق الخدمة العسكرية، بينما يقع عبء ذلك على المجندين الحاليين وحدهم، تكلفة تبلغ حوالي 0.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، أي حوالي 10 مليار شيكل سنوياً. لكي يكون قانون التجنيد فعالاً، يجب أن يتضمن تجنيد أعداد تتناسب مع احتياجات الجيش الراهنة، وحوافز شخصية سلبية على عدم التجنيد، مالية وغيرها. علاوة على ذلك، فإن توسيع دائرة الخدمة سيساهم بشكل كبير في تعزيز اندماج المجندين في سوق العمل، ورفع أجورهم وتقليص الفوارق الاقتصادية بين فئات المجتمع.
نقطة أخرى من المهم التأكيد عليها في هذه الفترة، والتي هي أيضًا بمثابة اختبار لمتانة الاقتصاد الإسرائيلي، من الضروري عدم إضافة المزيد من التحديات والمكونات التي تساهم في حالة عدم اليقين بسبب التعديلات القضائية دون اتفاق واسع عليها. في هذا السياق قلت من قبل وأقول مرة أخرى، إنه من الضروري الحفاظ على استقلالية المؤسسات وقوتها، فهذا جزء من القوة الاقتصادية للبلاد وشرط لتعزيز ثقة السوق والنمو الاقتصادي المستدام.
تتأثر إسرائيل، باعتبارها دولة ذات اقتصاد صغير ومفتوح، بشكل كبير بالاقتصاد العالمي. على الصعيد العالمي، يستمر النشاط الاقتصادي في التوسع. ارتفع مؤشر مديري المشتريات العالمي لشهر تشرين ثاني مما يشير إلى استمرار التوسع في النشاط الاقتصادي. تنمو التجارة العالمية في السلع بوتيرة معتدلة وتوسعت على أساس سنوي بنحو 1.6% في تشرين أول. أظهرت بيانات النمو الاقتصادي للربع الثالث من العام اتجاهاً توسعياً في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. في الولايات المتحدة، ارتفع مؤشر الأسعار للمستهلك بنسبة 0.3% في تشرين ثاني ليصل إلى معدل سنوي قدره 2.7%. في منطقة اليورو، ارتفع التضخم فوق الهدف ووصل إلى 2.2%. وكما كان متوقعاً قام بنك الاحتياطي الفيدرالي FED بخفض سعر الفائدة مرة أخرى بمقدار 25 نقطة أساس، لكن مسار سعر الفائدة المسعّر في الأسواق ارتفع خلال فترة التقرير على خلفية التوقعات برفع سعر الفائدة أكثر. البنك المركزي الأوروبي ECB واصل أيضاً هذا المسار من خفض أسعار الفائدة وخفضها بمقدار 25 نقطة أساس وفقا للتوقعات، ومن المتوقع أن يستمر بخفض سعر الفائدة بوتيرة سريعة نسبياً.
في الختام، فإن الوضع الكلي للنظام الاقتصادي الإسرائيلي آخذ في التحسن، لكن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والتحديات المختلفة لا تزال قائمة. يعكس قرار اللجنة النقدية التزامها باستقرار الأسعار وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، مع التعامل مع حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي. سيواصل بنك إسرائيل العمل بحذر، وسيراقب عن كثب تطورات الاقتصاد والتضخم، وسيتخذ قراراته بناءً على تحليل شامل للبيانات.
يعرب بنك إسرائيل ولجنة النقد عن تقديرهم للمجندين والمجندات وقوى الأمن الذين يخاطرون بحياتهم من أجلنا على مختلف الجبهات. نشارك العائلات الثكلى ألمهم ونرسل لهم خالص تعازينا. كما نتمنى الشفاء العاجل والتام للمصابين جسدياً ونفسياً، ونتمنى العودة السريعة لجميع المختطفين. قلوبنا معكم.
شكراً لكم.