وبدأ المحافظ يارون كلامه باستعراض صورة الوضع للاقتصاد من حيث الناتج المحلي، سوق العمل وأوضاع المصالح التجارية. وواصل المحافظ بعرض تنبؤات شعبة الأبحاث والتي نشرت كاملة في الخامس من تموز/ يوليو، وبحسبها فإن معظم الفجوة في الناتج هي بسبب أزمة كورونا التي من المتوقع أن تنتهي خلال سنة 2022.

انخفض الناتج المحلي الإسرائيلي في أعقاب الأزمة بشكل أقل مما هو عليه الحال في دول أخرى، إلا أن جزءا من قطاعات السوق لم تعد للعمل بكامل نشاطاتها. كما أن سوق العمل يعرض صورة مركبة وبحسبها فإن شرائح سكانية معنية قد تضررت أكثر من الأخرى، وقد طرأ ارتفاع طفيف في البطالة، ولكن مع ذلك طرأ ثمة تحسن على نسبة التشغيل. أما من ناحية أوضاع المصالح التجارية، فقد تضررت المصالح التجارية الصغيرة جدا أكثر من غيرها.

أما من ناحية الأوضاع المالية، فإن العجز البنيوي في إسرائيل عام 2020 قد كان مرتفعا مقارنة بدول OECD، وذلك استمرار للمستوى المرتفع الذي تميزت به البلاد قبل أزمة كورونا. وعلى خلفية المداولات حول ميزانية الدولة، ذكر أن العبء الضريبي، والنفقات المدنية في إسرائيل، ليست مرتفعة مقارنة بمتوسط دول OECD.

كما عرض محافظ بنك إسرائيل الخطوط العريضة لخطة بنك إسرائيل لتسريع الاقتصاد، والتي نشرت قبل عدة أيام. وتتكون الخطة من أربعة محاور عمل استراتيجية ويوصى العمل بها من قبل الحكومة وهي تتضمن إطارا ماليا لتمويلها. ويتمحور المحور الأول بتطوير الموارد البشرية. ويعتبر هذا الموضوع هو الأهم، لأن الاقتصاد الإسرائيلي يتميز بإنتاجية منخفضة، وينبع ذلك من الموارد البشرية والمادية. وتمر عملية رفع مستوى الموارد البشرية من خلال تقليص فجوات جودة التعليم، توسيع استخدام وسائل التعليم الرقمية ووضع أليات للتعليم المدمج "التعليم الهبريدي".

 

ويتمحور عمل المحور الثاني في الاستثمارات المالية والبنى التحتية المختلفة: الطاقة، الاتصالات، المواصلات وأخرى. وهي مواضيع ضرورية من أجل سد فجوة إنتاجية العمل في إسرائيل أمام الدول المتطورة. ومن بين الأمور تتضمن الخطة أيضا مجموعة من النصائح في السياسات بمجال الإسكان في إسرائيل، وقد عد المحافظ بعضا منها.

ويتطرق المحور الثالث لعالم المؤسسات المالية. ومن بين التوصيات الأساسية التي قام المحافظ بعدها أيضا المضي قدما بقانون السندات. ومن شأن القانون أن يساهم في زيادة عرض الائتمان في السوق، وتوزيع ناجع أكثر للمخاطر، وبالتالي من شأن ذلك أن يؤدي في نهاية الأمر إلى خفض الأسعار أكثر للمستهلك.

 ويتضمن المحور الرابع توصيات لتحسين البيانات واستخدام تكنولوجيا متطورة في الخدمات ونشاطات الحكومة. وأشار محافظ بنك إسرائيل أن أزمة كورونا قد وضحت وزادت الحاجة لاستخدام قواعد بيانات حكومية نوعية وذات مصداقية كأساس لاتخاذ القرارات الاقتصادية. ومن بين الأمور أوصى البنك بالمضي قدما بتسهيلات رقابية وتقليص البيروقراطية، من بين الأمور في مجال المواصفات والاستيراد.

وأكد محافظ بنك إسرائيل أن التكلفة الكلية للخطوات التي تظهر في الوثيقة الاستراتيجية تصل إلى نحو 3% من الناتج المحلي، موزعة على سنوات عدة. وإذا ما أرادت الحكومة تبني التوصيات، فمن المتوقع أن يؤدي هذا الاستثمار إلى جني ثمار كبيرة فيما بعد، مما سيؤدي إلى تحسين مستوى الحياة في الاقتصاد الإسرائيلي على المدى البعيد والمساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي. وتشير تقديرات بنك إسرائيل أن الحديث يدور حول عوائد بقيمة 15-17 بالمئة من الناتج المحلي خلال العقدين القادمين. وأشار محافظ بنك إسرائيل أن تمويل هذه الخطوات المفصلة ضمن خطة البنك تمر من خلال الحفاظ على المسؤولية المالية، الأمر الذي يتطلب تقليص نسبة واحد بالمئة من العجز البنيوي الحالي. من الجدير ذكره، أن الاستثمارات الحكومية المستدامة لن تؤدي إلى تدهور نسبة الدين من الناتج المحلي الإجمالي الذي يتطلب بعض الاندماج، والذي سيشمل لاحقًا، ولكن ليس الآن، مزيجًا من زيادة الضرائب وزيادة الديون. ومن أجل تمويل بعض الإصلاحات، ستكون هناك حاجة إلى بعض الزيادة الضريبية، ويجب على الحكومة أن تقرر المزيج الدقيق بين زيادة الديون ورفع الضرائب. وأشار محافظ بنك إسرائيل خلال كلمته إلى تطرق شركة التصنيف الائتماني S&P حول أهمية تقليص نسبة الدين للناتج المحلي في السوق الإسرائيلي لنحو 80% وللتأثير المحتمل على التصنيف الائتماني لإسرائيل.

ولخص محافظ بنك إسرائيل كلامه بأن على الحكومة أن تقوم بعملية ملاحة وتتبع ذكي في السياسات الاقتصادية، وأيضا تلك المتبعة للمدى القريب والمدى البعيد، وأيضا إلى الحاجة إلى المضي قدما باستثمارات ضرورية في الاقتصاد والحاجة للحفاظ على إطار مالي مسؤول. وأشار محافظ بنك إسرائيل إلى توصيتين أساسيتين: الأول هي أن من المحبذ عدم زيادة الضرائب أو تفعيل ضوابط للميزانية عامي 2021 و2022، باستثناء إجراء ملائمات موضعية فيما لو تطلب ذلك، وأيضا الامتناع عن اتخاذ قرارات من شأنها أن تزيد من العجز البنيوي. أما التوصية الثانية فيجب العمل بحسبها حالا وهي تخطيط الاستثمارات المختلفة من أجل دعم النمو للمدى البعيد من خلال تمويل استثمارات وتنفيذها ضمن مزيج من الضرائب، خفض النفقات الأخرى والدين ابتداء من 2023.

 

 ​