في مؤتمر الرقابة على البنوك، تحدث محافظ بنك إسرائيل بروفيسور أمير يارون، حول "التحديات والفرص بنظرة نحو المستقبل"، وفيما يلي الكلمة التي ألقاها:

  • أحد المخاطر الناجمة عن توسيع مفهوم النقد هو تجزئة الأموال - money fragmentation. تصدُر الأموال اليوم عن البنك المركزي وتحظى بالاحترام في كل مكان في السوق. ولكن مع تطور أنواع جديدة من النقد، هناك خوف من أن تتجه كل هيئة تصدر النقود لاحترام أموالها فقط.
  • مع تطور طرق الدفع غير المرتبطة بالقاعدة المالية للبنك المركزي، قد تتقلص قدرة البنك المركزي على توجيه السياسة النقدية. لذلك، تلعب البنوك المركزية دورًا فريدًا في منع التجزئة وضمان أن يبقى نظام الدفع أكثر اتساقًا وكفاءة. إحدى الطرق للقيام بذلك هي من خلال CBDC.
  • على ضوء هذه التطورات، قرر بنك إسرائيل تسريع خطوات الدراسة والبحث والتحضير لإصدار عملة رقمية محتملة في المستقبل، وتوفير استجابة مناسبة لمختلف المخاطر. من المهم التأكيد على أنه كما العديد من البنوك المركزية الأخرى، لم يقرر بنك إسرائيل بعد ما إذا كان ينوي إصدار عملة رقمية، وما زلنا ندرس هذه المسألة. نحن ملتزمون بأن نكون في طليعة التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في هذا المجال.
  • يعمل بنك إسرائيل في السنوات الأخيرة على إزالة الحواجز أمام دخول بنوك جديدة إلى السوق وتعديل اللوائح التنظيمية المتعلقة بها، وهي خطوة تهدف إلى زيادة عدد المنافسين في السوق. الأمر الذي أدى إلى قيام مبادرين من القطاع الخاص بإنشاء بنك رقمي بدعم وثيق من بنك إسرائيل. يتيح التطور التكنولوجي إنشاء بنوك جديدة بهيكل إنفاق أقل حجماً، مما سيسهم في زيادة المنافسة.
  •  قد يؤدي عدم الوضوح فيما يتعلق بتصنيف شركات التكنولوجيا التي تدخل النظام المالي إلى إثارة القلق بشأن التوازن التنظيمي، مما قد يثير قضايا تتعلق بمسألة غسل الأموال ومكافحة الإرهاب. نحتاج إلى التأكد من أن الشركات الجديدة تعمل وفقًاً للمعايير الحالية في مجال الصناعة المالية الدولية.
  • في إسرائيل، وعلى خلفية ارتفاع السيولة بشكل أساسي، لا يوجد حتى الآن سوق إعادة شراء (ريبو) ولا يوجد تقريباً نشاط ائتماني بين البنوك. لذلك، لا يوجد في السوق سعر فائدة من شأنه أن يشكل أساساً لسعر فائدة Overnight، والذي سيكون بديلاً عن الفائدة قصيرة المدى. لذلك، نحن نعمل على استبدال سعر الفائدة قصيرة المدى الذي يتم على أساسه إجراء التعاملات بالمشتقات المالية بسعر الفائدة المعلن لبنك إسرائيل، وفي نفس الوقت على تطوير سوق إعادة الشراء.

 

صباح الخير،

أرغب أولا أن أهنئ الرقابة على البنوك على هذا المؤتمر، وأرحب بالحضور الكرام.

يشغل الابتكار في النظام المالي العديد من الهيئات في العالم وفي إسرائيل. كان الترويج له أولوية قصوى بالنسبة للجمهور ولبنك إسرائيل في السنوات الأخيرة، ولم يكن ذلك عبثًا - لأن الابتكار المالي، عندما يتم بذكاء، تكون له العديد من التأثيرات الإيجابية على جميع الأطراف في السوق.

سأستهل كلمتي بوصف موجز لأهمية النظام المالي للاقتصاد. سأعرض بعد ذلك التطورات في عالم المال خلال السنوات الأخيرة، والخطوات التي اتخذها بنك إسرائيل في هذا الموضوع، وأختتم ببعض الأفكار المتعلقة بمستقبل عالم المال، مع التركيز على الدور المنوط بالمنظمين الماليين.

النظام المالي هو المحرك الحقيقي للاقتصاد. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن العلاقة بين مستوى التنمية المالية والنمو الاقتصادي والاستثمار علاقة قوية وإيجابية. في الاقتصاد ذي سوق رأس المال المتطور، سيكون تخصيص الموارد وتدفق الائتمان لتمويل النشاط الفعلي أكثر كفاءة، مما يؤدي إلى توزيع أوسع للمخاطر وتكاليف تمويل أرخص.

في السنوات الأخيرة تم دعم تطوير الأسواق المالية، من بين أمور أخرى، من خلال دمج التقنيات المتقدمة.

والتقدم في مجال التكنولوجيا المالية له آثار بعيدة المدى على القطاع المالي خصوصاً، والاقتصاد عموماً. والتحسين في هذا المجال يوفر فرصاً جديدة ومهمة، منها:

 

 

 

تتيح التطورات التكنولوجية تطوير منافسين ماليين جدد ومنتجات جديدة. يؤدي ذلك إلى زيادة المنافسة في المجال المالي، وهذا سيؤدي إلى انخفاض الأسعار وزيادة التنويع وتحسين جودة المنتجات، مع تخصيص الخدمات للزبون "Tailor Made" وتسهيل الوصول إلى الائتمان للشركات الصغيرة والوحدات المنزلية.

قد يشكل تطبيق استخدام التكنولوجيا المالية عاملاً رئيسيًا في زيادة الشمول المالي. فباستخدام التكنولوجيا المتقدمة، يمكن تجاوز الحواجز القائمة وتوفير أدوات مالية متقدمة للفئات السكانية المهمشة من النظام المالي. ستسهم زيادة الشمول المالي في تحسين النمو العام، وتحد من عدم المساواة وتقلص ظاهرة السوق السوداء.

على ضوء هذه الفرص وغيرها، يتوجب على المنظمين الماليين الاستمرار في دعم هذه العمليات وتعزيز نشر التكنولوجيا المالية بمجموعة مختلفة من الأدوات، بما في ذلك: إزالة الحواجز التنظيمية الحالية، وتنفيذ اللوائح الجديدة بطرق ذكية وميسرة،  ودعم البنية التحتية الداعمة للابتكار، وتشجيع التعاون بين الأنظمة المالية التقليدية وشركات التكنولوجيا.

إلى جانب الفرص التي يعززها الابتكار المالي، هناك عدة تحديات يتوجب التعامل معها. فإلى جانب الرغبة في تسريع التنمية، يلعب المنظمون دورًا حاسمًا في قيادة القطاع المالي بأمان ومسؤولية، مع إدارة المخاطر بعناية.

هناك على وجه الخصوص، قضية نحتاج إلى التركيز عليها وهي حماية المستهلك. لسنوات عديدة كان النظام المالي التقليدي ينفذ مبادئ توجيهية تنظيمية شاملة تحكم هذا المجال. ويجب أن لا يكون تطبيق هذه الإطر التنظيمية على شركات التكنولوجيا المتطورة تلقائيًا، بل يتطلب تعديلات وتغييرات. من ناحية أخرى، يستحق المستهلك حماية تنظيمية عند استخدامه لمنتج مالي، وبالنسبة له يجب أن لا تكون هذه الحماية منوطة بنوع الكيان المالي الذي يشتري منه المنتج. من ناحية أخرى، فإن التنظيم المفرط قد يمنع شركات التكنولوجيا من الانخراط في العمليات المالية بشكل مباشر.

تطرح قضية حماية المستهلك وبياناته الخاصة تحديين إضافيين.

الأول هو حماية الخصوصية: المعلومات التي تجمعها الكيانات المالية وشركات التكنولوجيا هائلة من حيث حجمها. يثير هذا عددًا من التساؤلات المهمة: هل يجب على المنظمين تقييد جمع البيانات؟ أم يجب عليهم فقط مراقبة كيفية تخزينها وضمان مشروعية استخدامها؟

ثانيًا، يمكن أن يكون لاستخدام المعلومات والبيانات تأثير كبير على الهيكل التنافسي أو المركزي للقطاع المالي. على سبيل المثال، قد يؤدي استخدام المعلومات التي تم جمعها بواسطة مقدم خدمة معينة من أجل تقديم خدمة أخرى على يد نفس الشركة، إلى قوة سوقية احتكارية واسعة النطاق. وهذه معضلة صعبة تتطلب توازنًا مناسبًا بين اعتبارات الاستقرار والمنافسة.

التحدي الآخر الناشئ عن تطور الابتكار المالي هو المجال السيبراني. يؤدي الاستخدام المتزايد للوسائل التكنولوجية ورقمنة الخدمات المالية إلى زيادة التعرض لهجمات محتملة. وتزداد الخطورة بشكل أكبر على ضوء التشبيك والتواصل بين مختلف الكيانات العاملة في النظام المالي. يمكن أن يتسبب عطل في شركة واحدة في مخاطر تهدد أنظمة جميع الشركات ذات الصلة.

قد يؤدي عدم الوضوح فيما يتعلق بتصنيف شركات التكنولوجيا التي تدخل النظام المالي إلى إثارة القلق بشأن الاستقرار التنظيمي، مما قد يثير الخشية بشأن مسائل مثل غسل الأموال ومكافحة الإرهاب. نحتاج إلى التأكد من أن الشركات الجديدة تعمل وفقًا للمعايير الحالية في المجال في أنشطتها المالية الدولية.

أود الآن أن أخصص بضع كلمات للخطوات التي اتخذناها في بنك إسرائيل لتطوير نظام مالي أكثر تقدمًا.

في السنوات الأخيرة، عمل بنك إسرائيل على إزالة الحواجز أمام دخول البنوك الجديدة وعمل على تعديل اللوائح التنظيمية من أجلها، وهي خطوة تهدف إلى زيادة عدد المنافسين في السوق. وعملية أدت إلى قيام مبادرين من القطاع الخاص بإنشاء بنك رقمي بدعم وثيق من بنك إسرائيل. يتيح التطور التكنولوجي إنشاء بنوك جديدة بهيكل إنفاق أقل حجماً، مما سيسهم في زيادة المنافسة.

الخطوة الأخرى هي الإصلاح المصرفي المفتوح، والذي يسمح لزبائن البنوك بمشاركة معلوماتهم المالية مع أطراف ثالثة. وهي عملية يمكن أن تعزز قيمة الزبون المالية بعدة طرق. على سبيل المثال، سيتمكن العميل من مقارنة الخدمات التي تقدمها مجموعة متنوعة من الهيئات المتنافسة واختيار الخدمة الأكثر ملاءمة وفعالية من حيث التكلفة بالنسبة له. ستعزز هذه الخطوة المنافسة بين البنوك نفسها، وبين البنوك والهيئات الأخرى خارج النظام المصرفي.

إذا قرر الزبون اختيار عرض منافس - فقد اهتممنا بهذا أيضًا: إن التعديل الذي يسمح بالانتقال السهل والذي أقررناه في السنوات الأخيرة، سيتيح للزبون الانتقال إلى بنك آخر بسرعة وكفاءة، وكل ذلك عبر الإنترنت.

سوف أذكر على هامش الموضوع نقطة كررتها عدة مرات: تنفيذ الإصلاح فيما يتعلق بالنظام المصرفي فقط قد يؤدي إلى وضع تعرض فيها الشركات المتخصصة في الاستشارات الاستثمارية للزبون محفظة قد تتناسب تمامًا مع احتياجاته - ولكن على أساس مدخراته المصرفية التي يمكن لهذه الشركات الوصول إليها فقط، دون أن تأخذ في الاعتبار الأصول التي يمتلكها في صناديق التعويضات، وصناديق الاستثمار المالي وغيرها - الأمر يمكن أن يسبب له ضرراً بدلاً من الفائدة.

لذلك، من أجل تمكين الزبون ومزود الخدمة من الحصول على صورة مالية كاملة، يجب تأسيس بنية تحتية في إسرائيل لعالم مالي مفتوح - OPEN FINANCE  وليس فقط  BANKING OPEN، بحيث تشمل هذه البنية التحتية جميع الهيئات المالية.

خطوة أخرى اتخذها بنك إسرائيل تتعلق بأسعار فائدة القروض قصيرة الأمد وتطوير سوق إعادة الشراء (ريبو). معدل فائدة القروض قصيرة الأمد هو سعر فائدة محدد بين البنوك يتم تحديده لفترات زمنية مختلفة وفقًا لعروض الأسعار من عدد من البنوك، وهو ما يعادل سعر فائدة IBOR الموجود في عدد كبير من الدول. يعتبر معدل الفائدة المحدد نقطة ارتكاز مهمة لعدد كبير من العقود والأنشطة المالية في سوق رأس المال.

على ضوء المشاكل التي ظهرت نتيجة لذلك، تنتقل العديد من البلدان من أسعار الفائدة IBOR إلى أسعار Overnight  الخالية من المخاطر، والتي تعتمد على المعاملات في سوق إعادة الشراء أو في سوق التبادل البنكي.

في إسرائيل، وعلى خلفية ارتفاع السيولة بشكل أساسي، لا يوجد حتى الآن سوق إعادة شراء، ولا يوجد تقريباً نشاط ائتماني بين البنوك. لذلك، لا يوجد سعر للفائدة في السوق من شأنه أن يشكل أساساً لسعر الفائدة على Overnight، والذي من المفترض أن يكون بديلاً عن فائدة القروض قصيرة الأمد.

لذلك، فإننا نعمل على استبدال سعر فائدة القروض قصيرة الأمد، الذي يتم على أساسه إجراء المعاملات المتعلقة بالمشتقات، بسعر الفائدة المعلن لبنك إسرائيل، ونعمل في نفس الوقت على تطوير سوق إعادة الشراء.

يعمل بنك إسرائيل بشكل حثيث على تحديث نظام المدفوعات الحالي في إسرائيل. حيث تعتبر أنظمة الدفع المريحة والفعالة والآمنة والمستقرة عنصراً مهمًا في أي اقتصاد متقدم.

يعد تطبيق معيار EMV خطوة أولى في دخول تقنيات الدفع المتقدمة  إلى النظام المالي وانضمام شركات أخرى محلية وعالمية. في العام الماضي، طبقت معظم الشركات في إسرائيل المعيار المتقدم بالفعل، وبدأ الإسرائيليون بالدفع باستخدام الرمز السري، أوTap and Pay بمبالغ كبيرة، وأصبح العديد منا يغادر المنزل بالفعل بدون محفظة بسبب قدرته على الدفع للعديد من المؤسسات باستخدام الهاتف الذكي بفضل هذا المعيار.

يشجع بنك إسرائيل الانتقال إلى البنية التحتية للدفع الفوري - Faster Payment  - والذي سيسمح بتوسيع خيارات الدفع في أنظمة الدفع، وسيؤدي تنفيذ الدفع مباشرة من حساب الزبون إلى تقليل تكاليف الصفقات - نظرًا لعدم الحاجة إلى الائتمان حتى موعد التحصيل - وسيزيد السيولة لدى المصالح التجارية، وفي حال الاتصال ببنية تحتية دولية، ستتمكن هذه المصالح من تحصيل المعاملات عبر الحدود Cross - Border بكفاءة أكبر.

وهناك خطوة أخرى لم تتحقق بعد، لكننا نعمل بالتعاون مع جميع الأطراف ذات الصلة على تعزيز سوق التوريق (تحويل القروض إلى سيولة فورية عبر بيع القروض إلى شركات متخصصة في الاستحواذ على القروض وتحصيلها). في حين أن سوق التوريق في العالم بحجم مماثل لسوق سندات الشركات، فإن هذا السوق في إسرائيل ضعيف للغاية. وسيعمل سوق التوريق المتطور بشكل جيد على تسريع تطوير سوق الائتمان غير المصرفي، وإثراء مصادر التمويل، وتوسيع قنوات الاستثمار للهيئات المؤسساتية، وتسهيل تحويل رأس المال وإدارة فترات تسديد الائتمان في النظام المصرفي، ونأمل أن يتم التقدم في الموضوع قريبًا.

من منظور أوسع، يمكننا القول بأن الابتكار المالي، بالإضافة إلى تأثيره الطبيعي على عالم البنوك والمدفوعات، قد يكون له أيضًا تأثير مباشر أكثر على ساحة السياسة النقدية. إذ تتسبب التكنولوجيا في دفع لاعبين جدد - هيئات خاصة ليست جزءًا من النظام المالي المعروف - إلى الإدعاء بتقديم أنواع جديدة من الأموال. على سبيل المثال، العملات المشفرة، والتي يتم إصدارها بطريقة مبرمجة، والتي لا تحمل قيمة جوهرية وقيمتها متقلبة للغاية ولا يمكن حتى الآن استخدامها كوسيلة للدفع، بل تستخدم كأصول استثمارية فقط. هناك أيضًا عملات مستقرة (Stablecoins) من المفترض أن تكون مدعومة بأصول مستقرة وبالتالي تحافظ على قيمة ثابتة، ومع ذلك يتم إصدارها من قبل كيانات خاصة ولا يزال هناك سؤال حول الشفافية فيما يتعلق بتكوينها واستمراريتها.

 

 

كلا النوعان، والأخير على وجه الخصوص، قد يتحدى السياسة النقدية. يجب أن نفهم بعمق التغييرات الدراماتيكية في هذا الجانب أيضًا، وأن نعد أنفسنا للتحديات القادمة.

وكما يتعلم كل طالب في السنة الأولى في قسم الاقتصاد، فإن للمال ثلاث وظائف أساسية - وسيلة للدفع، ووحدة للقياس، والاحتفاظ بالقيمة. والتقنيات الجديدة تتحدى هذه الوظائف الأساسية الثلاث.

إن أحد المخاطر الناشئة عن توسيع مفهوم النقد هو تجزئة الأموال money fragmentation. تحظى أموال البنك المركزي اليوم بالاحترام في كل مكان في الاقتصاد. ولكن مع تطور أنواع جديدة من المال، هناك خوف من أن تبدأ كل هيئة تصدر النقود باحترام الأموال التي تصدرها فقط.

كلما تطورت وسائل الدفع غير المرتبطة بالقاعدة المالية للبنك المركزي، فقد تتأثر قدرة البنك المركزي على توجيه السياسة النقدية.

لذلك، تلعب البنوك المركزية دورًا فريدًا في منع التجزئة وضمان أن يصبح نظام الدفع أكثر اتساقًا وكفاءة. وأحدى الطرق للقيام بذلك هي من خلال CBDC.

إذن ما هي CBDC؟ العملة الرقمية للبنك المركزي Central Bank Digital Currency هي طريقة دفع رقمية تستند إلى التزام البنك المركزي تجاه حاملها.

تستند معضلة إصدار عملة رقمية من قبل بنك إسرائيل إلى عدد من الدوافع - إنشاء بديل فعال ومتقدم وآمن لوسائل الدفع الحالية والجديدة في العصر الرقمي؛ إنشاء بنية تحتية مبتكرة تضمن تكيف نظام الدفع مع احتياجات الاقتصاد الرقمي في المستقبل؛ ضمان استقرار نظام الدفع وعمله بشكل صحيح في حالات الطوارئ أو الأعطال؛ إنشاء بنية تحتية فعالة وغير مكلفة للمدفوعات عبر الحدود؛ الحفاظ على قدرة الجمهور على استخدام وسائل الدفع الرقمية مع الحفاظ على الخصوصية؛ ودعم سياسة الحكومة للحد من استخدام النقد.

تجدر الإشارة إلى أن إصدار عملة رقمية وخصوصاً قبل التخطيط لها بشكل كافي، يمكن أن ينطوي أيضًا على مخاطر كبيرة. الخطر الرئيسي هو احتمال ضعف الوساطة المالية bank disintermediation. إذا اختار الجمهور تحويل جزء كبير من ودائعه إلى الشيكل الرقمي، فإن قدرة البنوك على أداء دورها الأساسي – وهو التوسط بين المدخرين والمقترضين ومنح الائتمان - قد تتضرر بطريقة من شأنها أن تتسبب في أضرار جسيمة للاقتصاد.

قد يكون للشيكل الرقمي أيضًا تأثيرات على التحويل النقدي. قد يؤدي التصميم غير المتقن للنظام إلى مخاطر إلكترونية ومخاطر تتعلق بالخصوصية ومخاطر على سمعة البنك المركزي.

على ضوء هذه التطورات، قرر بنك إسرائيل تسريع الدراسة والبحث والتحضير لإصدار محتمل لعملة رقمية في المستقبل، مع تحضير استجابة ملائمة لمختلف المخاطر. من المهم التأكيد على أنه مثل العديد من البنوك المركزية الأخرى، لم يقرر بنك إسرائيل بعد ما إذا كان ينوي إصدار عملة رقمية أم لا، ونحن ما زلنا ندرس هذه المسألة. ونحن ملتزمون بأن نكون في طليعة التقدم الاقتصادي والتكنولوجي في هذا المجال.

أود أن أنهي محاضرتي بعدد من الأفكار حول المزايا الأساسية التي يجب أن يتحلى بها النظام المالي الجديد، مع التركيز على دور بنك إسرائيل بصفته المنظم المركزي للنظام المالي، ودور المنظمين الماليين بشكل عام.

أولاً، يجب عدم المساس بمرونة وموثوقية الأموال ونظام الدفع. يجب أن تكون الأموال والمدفوعات مستقرة بما يكفي لتحمل الاضطرابات الاقتصادية، ويجب أن تكون ملائمة للعمل ومقاومة للاخطاء التقنية والهجمات الضارة.

ثانيًا، يحتاج عالم المال المستقبلي إلى حماية الخصوصية والحفاظ على تحكم المستهلك ببياناته، مع الامتثال لقواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب واللوائح الضريبية. ستجبرنا الوسائل الإلكترونية النقدية الجديدة على تحديد الخط الفاصل بين حماية خصوصية المستهلك وقدرة السلطات على الوصول إلى المعلومات عند الحاجة.

وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى مسألة المعايير الدولية الموضوعة لمنع حالات هجرة الشركات إلى "ملاجئ تنظيمية" ذات رقابة ضعيفة. علاوة على ذلك، يعد توحيد المعايير أيضًا مهمًا جدًا لتطوير القدرة على استيعاب الأنظمة المالية وربطها بالهيئات الدولية.

أضف على ذلك، يجب أن يكون النظام المالي شاملاً ومفتوحًا أمام جميع الفئات المجتمعية.

يدرس صانعو السياسات في جميع أنحاء العالم ويناقشون آثار التكنولوجيا والابتكار المالي على الاقتصاد والمجتمع، والتعديلات والتغييرات المطلوبة لتنظيم وتوزيع العمل بين القطاعين العام والخاص بشكل مناسب ضمن تصميم وإدارة النظام المالي الجديد.

سنواصل العمل جنبًا إلى جنب مع شركائنا في القطاع العام والقطاع الخاص والبنوك المركزية والمنظمات الدولية، لتشكيل النظام المالي المستقبلي بطريقة تجعل استخدام التقنيات الجديدة يصب في صالح الجمهور بأكمله.

شكراً جزيلاً لكم وأتمنى لكم مؤتمرًا ممتعًا ومثمرًا.