تنشر هذه المراجعة في ذروة أزمة فيروس الكورونا التي ضربت العالم كله وعرّفت من قبل صندوق النقد الدولي على أنّها الأزمة الاقتصادية الأخطر منذ الأزمة الكبرى لسنوات ال-30 في القرن الماضي. من المتوقع أن يحدث تقلص كبير في الناتج في اسرائيل في سنة 2020 وارتفاع كبير في البطالة وهنالك عدم يقين بشأن استمرارية الأزمة الصحية وأبعادها على الوضع الاقتصادي.

 

تتطرق هذه المراجعة في غالبيتها إلى التطورات في الجهاز المصرفي في العام 2019، والنشاطات التي قامت به الرقابة في السنوات الأخيرة لتعزيز المنافسة، وعلى رأسها، إعطاء ترخيص لبنك جديد بعد نحو 40 عامًا، استكمال فصل شركتيّ بطاقات الائتمان عن البنوك، استكمال إنشاء نظام معطيات الائتمان من قبل بنك إسرائيل، مرافقة إنشاء مكتب خدمات الحوسبة للبنوك الجديدة بقيادة وزارة المالية، وتطوير مشروع "الخدمات المصرفية المفتوحة"، تعزيز الابتكار والانتقال إلى عالم الديجيتال في الخدمات المصرفية وعالم الدفع، التشجيع على تنجيع الجهاز المصرفي والتقدّم الكبير الذي حصل على أرض الواقع في هذه الجوانب الثلاثة. هذا إلى جانب، التطرّق لخطوات إضافية قامت بها الرقابة على البنوك في العام 2019 لتعزيز إدارة المخاطر الناشئة، وعلى رأسها تعزيز إدارة مخاطر السايبر والتكنولوجيا عامةً، وبضمنها التوقيع على اتفاقية التفاهمات مع نظام السايبر القومي. مع ذلك، وعلى خلفيّة التطورات الاستثنائية التي طرأت بعد نهاية العام، سأتطرق في رسالتي هذه إلى الأزمة الحالية، أزمة فيروس الكورونا، استعداد الجهاز المصرفي لها، الأهداف التي حدّدتها الرقابة في بداية الأزمة، والخطوات العديدة التي اتخذت لضمان قدرة الجهاز على دعم الجهاز الاقتصادي على ضوء الأزمة.

 نشأت أزمة فيروس الكورونا في ظل وجود جهاز مصرفي قوي ومستعد للتعامل مع أزمة كبيرة، وذي قدرة على دعم الجهاز الاقتصادي الإسرائيلي. قوّة الجهاز المصرفي الإسرائيلي هي نتاج الإدارة المحافظة للبنوك، الناتجة عن الرقابة الحثيثة على البنوك على مرّ السنوات. منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008، رفعت الرقابة على البنوك متطلبات رأس المال والسيولة من البنوك بشكل كبير وحدّدت متطلباتها للاستعداد الكامل لأي سيناريو متطرف. عزّزت هذه المتطلبات استقرار الجهاز ومدى جهوزيته لمواجهة أزمة اقتصادية كبيرة. وبناءً عليه، ارتفعت نسبة رأس المال للبنوك في إسرائيل على إثر هذه المتطلبات من 7.6% في العام 2008 إلى 11.2% في نهاية العام 2019 (يتم حساب رأس المال في الجهاز المصرفي الإسرائيلي بشكل متحفظ، ونسبة رأس المال هي جيّدة مقارنةً بالبنوك في العالم).

 مقابل ذلك، شدّدت الرقابة على البنوك التقييدات والقواعد التنظيميّة بشأن تعرّض الجهاز المصرفي لمخاطر المقترضين الكبار، ما قاد إلى تقليص مخاطر الائتمان في العقد الأخير، مع خفض حجم ووزن الائتمان لمجموعات المقترضين الكبيرة، زيادة ائتمان التجزئة الموزّع بين الكثير من المقترضين وزيادة الائتمان الاسكاني، الأمر الذي نفّذ بالتوازي مع الخطوات الاستقرارية العديدة على مستوى الماكرو التي اتخذت وأدت بالتالي إلى أن يكون الرفع المالي والمخاطر على البنوك والأسر من قروض الرهن العقاري، غير مرتفعة مقارنةً مع دول العالم. الرقابة على البنوك حدّدت للبنوك توجيهات مفصّلة حول استمرارية الأعمال والنشاط في أوقات الطوارئ.          

التحوّل الديجيتالي الذي اجتازه الجهاز المصرفي في السنوات الأخيرة، بمرافقة وتوجيه الرقابة على البنوك مكّن من استمرار إعطاء الخدمات المصرفيّة للجمهور خلال الأزمة. وبذلك، رغم التقييدات التي فرضت من قبل الحكومة على الخروج من البيت والحاجة لاغلاق غالبية الفروع أمام استقبال الجمهور خلال الأزمة، تمكّن غالبية الزبائن من اجراء المعاملات المصرفية اليومية عن بعد، دون الوصول إلى الفرع، وبذلك منع المخاطر الصحية التي يمكن أن تنتج جرّاء ذلك. 

 في بداية الأزمة، حدّدت الرقابة على البنوك ثلاثة أهداف مركزية:

     1.  الحفاظ على أموال الجمهور المودعة في البنوك والحفاظ على استقرار البنوك في الأزمة. الرقابة على البنوك طلبت من البنوك مباشرةً مع بداية الأزمة، تقديم تحليل للتطورات المرتقبة في كل بنك، في إطار اثنين من السيناريوهات المتطرفة، في السيناريو الأول الأزمة خطيرة لكن ابتداءً من نهاية شهر نيسان يبدأ الخروج السريع منها، في السيناريو الثاني، تستمر الأزمة للعام 2021. على أساس هذه السيناريوهات، قمنا بتحليل مدى استقرار البنوك، والتأثيرات الممكنة للأزمة على رأس المال، الخسائر الائتمانية، السيولة، الربح وغيرها. الاستنتاج العام الذي تبيّن من هذه السيناريوهات، أنّه رغم التوقع بأن تعاني البنوك من خسائر عالية في مجال الائتمان وحسابات النوسترو، والتي ستزداد كلما استمرت الأزمة، الا أنّ الجهاز المصرفي وكل واحد من البنوك على حدة سيبقى مستقرًا.

 بالاعتماد على المعلومات المتوفرة لنا عند كتابة هذه المراجعة، في السيناريو المركزي للسنة القريبة، والذي يفترض أن يكون خروج الاقتصاد من الأزمة قد بدأ لكن سيستمر بشكل تدريجي، فانّ نسبة الخسائر الائتمانية في الجهاز المصرفي والتي بلغت 0.3% من ملف الائتمان عام 2019، من المتوقع أن ترتفع بشكل كبير، مع وجود فروقات ما بين مختلف البنوك، بناءً على طبيعة نشاط كل بنك. الخسائر الائتمانية، إلى جانب الخسائر الناتجة عن تحقيق مخاطر السوق، من المتوقع أن تؤثر على ربح البنوك بشكل كبير. مع ذلك، من المتوقع أن تبقى نسبة رأس المال مرتفعة، وأن تتمكن البنوك من استيعاب هذا الضرر.

 من المهم التشديد على أنّ القدرة اليوم على تقدير كم سيكون حجم التأثير الكامل للأزمة هي محدودة، بحيث أن هنالك عدم يقين عالٍ بشأن التطورات الاقتصادية المشتق من عدم اليقين بشأن التطورات الصحية. في الخطاب الاقتصدي، من المعتاد وصف السيناريوهات المختلفة للخروج من الأزمة بشكل مخطط مسبقًا- مثلا سيناريو "v" يصف الخروج السريع من الأزمة، "u" يصف التعافي البطيء، وسيناريو "w" يمكن أن تحدث فيه موجة ثانية للأزمة قبل التعافي الكامل من الأزمة.

في هذه المرحلة، من المبكر التنبؤ أي من السيناريوهات ستحدث كما أنّ هنالك صعوبة في تقدير التأثير الكامل للأزمة على البنوك، لكن التحليلات التي أجريناها تظهر أنّ للبنوك القدرة على اجتياز الأزمة والبقاء مستقرة حتى في السيناريوهات الأكثر خطورة. يمكن ملاحظة ذلك أيضًا من خلال سلوك وثقة الجمهور بالبنوك خلال الأزمة، فرغم خطورة الحدث والانخفاض الحاد في مؤشرات الأسهم للبنوك خلال شهر آذار، قام الجمهور بزيادة إيداعاته في الحسابات الجارية في البنوك بشكل كبير.  

لمواصلة الحفاظ على الاستقرار، تتابع الرقابة على البنوك بشكل وثيق يوميا وأسبوعيا التطورات في البنوك. كما أنّنا نجري محادثات بشكل دائم مع مديري البنوك ورؤساء مجلس الإدارة. لقد قمنا بتوجيه البنوك بزيادة المخصصات الجماعية لخسائر الائتمان في التقارير المالية للربع الأول من العام 2020، بتوجه نحو قراءة المستقبل، وطلبنا تعزيز وملاءمة إدارة مخاطر السايبر وتسرّب المعلومات، على ضوء الزيادة الكبيرة في النشاط عن بعد في الجهاز المصرفي والنشاط المصرفي الديجيتالي.

 2.    مساعدة المصالح التجارية والأسر والجهاز الاقتصادي خلال الأزمة

بناءً على استقرار الجهاز المصرفي، قرّرنا في بداية شهر آذار 2020 تشجيع البنوك على دعم الجهاز الاقتصادي من خلال زيادة الائتمان للأسر والمصالح التجارية وتوفير إمكانية تأجيل إرجاع الائتمان، مع اتباع نهج متوازن، رغم المخاطر المتوقعة بعدم قدرة الزبائن على الالتزام بدفعات الائتمان. وفي سبيل ذلك، اتخذنا العديد من الخطوات بهدف منع حدوث أزمة ائتمانية والتسهيل على الزبائن: منذ بداية الأزمة دعونا إدارات البنوك لاستغلال فائض رأس المال لتوفير الائتمان للمصالح التجارية التي سدّدت التزاماتها كما هو مطلوب قبل الأزمة الا أنّها عانت من نقص السيولة، كما قمنا بخفض نسبة  رأس المال المطلوبة من البنوك بنسبة مئوية واحدة، لتمكينها من زيادة الائتمان، وبالمقابل قمنا بتوجيه البنوك لفحص سياسة توزيع الأرباح خلال الأزمة، وقمنا بالتوضيح أنّ المتطلبات المحاسبية تمكن البنوك من تأجيل دفعات الائتمان للمقترضين، دون تصنيف الائتمان تحت رقابة خاصّة، وبهذا شجعنا البنوك على تأجيل إرجاع الائتمان من قبل الزبائن. ومكّنا الزبائن من زيادة أخذ الائتمان الاستهلاكي لأي غرض مقابل رهن الشقة ورفعنا الحد المتعلق بمركزية قطاع البناء والعقارات من 20% إلى 22% من ملف الائتمان لتمكين البنوك من مواصلة دعم الشركات في هذا القطاع، التي عانى قسم منها من عدم القدرة على تجنيد مصادر في سوق رأس المال الذي اعتمدت عليه بشكل كبير في السنوات الأخيرة. نفذت جميع هذه الخطوات، في إطار تعليمات الطوارئ لفترة الأزمة، مع متابعة الخطوات التي اتخذتها الجهات التنظيميّة الموازية لنا في العالم.

 ​بالتوازي مع ذلك، قام بنك إسرائيل بتفعيل العديد من الأدوات النقدية من أجل ضمان استقرار سوق رأس المال، زيادة السيولة بالشيكل والدولار وتسهيل تكاليف الائتمان، وذلك من خلال التدخل بشكل غير مسبوق في سوق السندات الحكومية، تدفق السيولة بالعملة الأجنبية من خلال مناقصات تبادل الشيكل-الدولار وخفض فائدة بنك إسرائيل ب 0.15 نقطة مئوية وغيرها. 

 مكّنت خطوات بنك إسرائيل، وبضمنها الرقابة على البنوك، البنوك من مساعدة المصالح التجارية والأسر في الشهرين الأولين للأزمة (آذار ونيسان)، بحيث وفرت البنوك ائتمان بحجم لم يسبق له مثيل بلغ 21 مليار شيكل، أي زيادة سنوية تصل إلى 12%، مع أنّ زيادة حجم الائتمان لم يكن موحدًا لمختلف القطاعات. وكانت الزيادة الرئيسية في حجم الائتمان لصالح المصالح التجارية المتوسطة والكبيرة، والتي استخدمت الأطر الائتمانية التي خصّصت لها قبل الأزمة، وأيضًا لصالح قروض الرهن العقاري. مع ذلك، فانّ الرصيد الائتماني للمصالح التجارية الصغيرة انخفض في شهريّ آذار ونيسان، على إثر الارتفاع الحاد في مخاطر إعطاء الائتمان لهذه المصالح وحقيقة أنّ البنوك انتظرت حتى إطلاق صندوق ائتماني للمصالح التجارية الصغيرة يتلاءم مع الأزمة وبكفالة وزارة المالية. منذ لحظة إطلاق الصندوق بكفالة وزارة المالية (كفالة بحجم 15%) في 1 نيسان، بدأت البنوك بتوفير الائتمان للمصالح التجارية الصغيرة بوتيرة سريعة جدًّا، الا أنّ الطلب كان أكبر بكثير من الأموال التي خصّصتها وزارة المالية للصندوق. حتى منتصف شهر أيّار، خصّصت البنوك ائتمان بحجم 7.2 مليار شيكل لنحو 20 الف مصلحة تجارية صغيرة. بالمقابل، في الشهرين الأولين للأزمة، طرأ انخفاض حاد في الائتمان الاستهلاكي، بنحو 7 مليار شيكل (بدون قروض الرهن العقاري) والذي نبع بالأساس عن انخفاض الطلب على الاستهلاك، وانعكس من خلال الانخفاض بنحو 40% في مصروفات بطاقات الائتمان خلال شهر نيسان.

 إلى جانب هذه التغييرات في الائتمان، قامت البنوك بتأجيل دفعات الائتمان لعدّة شهور لقسم كبير من الأسر والمصالح التجارية الصغيرة التي طلبت ذلك، نحو 450 الف زبون. اضافةً إلى ذلك، استجابت البنوك لدعوة الرقابة على البنوك وأعلنت عن إيقاف توزيع الأرباح، لضمان توسيع الائتمان في الجهاز الاقتصادي.

 على إثر الصعوبات الكبيرة التي واجهها زبائن البنوك بسبب الأزمة، بدأ يتطور غضب جماهيري تجاه البنوك على خلفية الأنباء حول ارتفاع نسب الفوائد. الزيادة في مخاطر الائتمان المخصّص للمصالح التجارية والأسر، وعلى ضوء تراجع الوضع الاقتصادي، وارتفاع العوائد في سوق رأس المال، الأمر الذي يؤدي إلى غلاء تكلفة تجنيد المال، كل ذلك أدّى إلى ارتفاع فائدة الائتمان. على إثر ذلك، أوضحنا لرؤساء ومديري البنوك برسالة أنّ الرقابة على البنوك تتطلع إلى أن تتجنّد البنوك لمساعدة الجهاز الاقتصادي وأن تحدّد أسعار القروض من منظور شمولي، حتى اذا مسّ ذلك بهامش أرباح البنوك. وقد أظهرت المعطيات الفعلية أنّ الفوائد على الائتمان للمصالح التجارية الكبيرة لم ترتفع في الشهرين الأولين، وكذلك أيضًا بالنسبة للفوائد على الائتمان الاستهلاكي. بالمقابل، ارتفعت الفوائد على قروض الرهن العقاري بنحو 0.5 نقطة مئوية، في حين انخفضت الفوائد في الائتمان المخصّص للمصالح التجارية الصغيرة بشكل كبير من 5% قبل الأزمة إلى 3.8% في نهاية شهر نيسان، وذلك على إثر نشاط صندوق المصالح التجارية الصغيرة بكفالة الحكومة والقروض النقدية الخاصّة التي قدّمها بنك إسرائيل بفائدة 0.1%، لغرض تقديم الائتمان للمصالح التجارية الصغيرة. 

 3.   ضمان تقديم الخدمات المصرفية الحيوية للجمهور أيضًا خلال الأزمة

مباشرةً مع بداية الأزمة، عملت الرقابة على البنوك من أجل ضمان استمرار نشاط الجهاز المصرفي، حتى لا يتم المس بالخدمات المصرفية للجمهور العريض. قمنا بتوجيه البنوك لملاءمة طريقة عمل القوى العاملة بحيث لا تغلق أقسام كاملة في البنك في حال أصيب قسم من العمال بالعدوى. كما قمنا بتوجيه البنوك، بناءً على توجيهات وزارة الصحة، بإغلاق قسم كبير من الفروع أمام الجمهور، لتقليص المخاطر الصحية على الزبائن والموظفين، لكن مع مواصلة توفير القسم الأكبر

 من الخدمات الحيويّة للجمهور عن بعد من خلال الهاتف والوسائل الديجيتالية. قمنا بإزالة عوائق تنظيميّة وتشريعيّة للتسهيل على عملية الانضمام للخدمات المصرفية عن بعد، من خلال اتاحة الحصول على الخدمات بواسطة الهاتف بسهولة والتوقيع على قروض الرهن العقاري عن بعد. كما قمنا بتوجيه البنوك بإصدار بطاقات الخصم الفوري للسكان الذين يتلقون مخصّصات التأمين الوطني ولمن يعلن عن إفلاسه، والذين لم يكن بحوزتهم بطاقات الخصم الفوري أو بطاقات ائتمان قبل الأزمة، لمساعدتهم على الامتناع عن الوصول للفرع لإجراء المعاملات وسحب المال. كما قرّرنا تعليق تقييد الحسابات للزبائن أصحاب الشيكات الراجعة، بهدف مساعدة المصالح التجارية والأسر التي تعرضت لضائقة في السيولة.

 وضعت الأزمة أمام الرقابة على البنوك العديد من المعضلات والتحديات، الأمر الذي احتاج إلى التفكير بشكل يختلف عن الأوقات الاعتيادية. مثلا، سألنا أنفسنا هل علينا تشجيع الجهاز المصرفي على أخذ مخاطر أكثر على عاتقه، في فترة تمتاز بمخاطر كثيرة بطبيعة الحال؟

الكثير من المصالح التجارية ربما لا تنجح باجتياز الأزمة وهنالك تخوّف من أنّ قسم من العمال الذين خرجوا لإجازة غير مدفوعة، لن يتمكنوا من العودة لأماكن عملهم سريعًا، وبذلك يبقى معدّل البطالة مرتفعًا لوقت طويل نسبيًّا.

كيف نزيد حجم الائتمان في الجهاز الاقتصادي وبنفس الوقت نضمن الحفاظ على أموال ودائع الجمهور التي تعتبر المصدر الرئيسي للائتمان؟ وفق وجهة نظر بنك إسرائيل، فانّه من أجل تقليص خطر الركود الثقيل والمتواصل في الجهاز الاقتصادي، وللمساعدة في تحريك عجلة الاقتصاد وضمان الخروج السريع من الأزمة، من المهم أن تزيد البنوك من شهيتها للمخاطر، وكل ذلك يتعلق بالاكتتاب عالي الجودة وإدارة المخاطر بشكل حكيم. على ضوء المخاطر الكبيرة القائمة في مجال إعطاء الائتمان في هذه الفترة، خلقت الرقابة على البنوك الظروف والمحفزات التنظيمية لزيادة حجم الائتمان، لكن دون الزام البنوك بتوفير الائتمان بأي وضع كان.

 الاكتتاب والقرارات التجارية تنفذ، كما هو دائمًا، من قبل البنوك، التي تتوفر لديها المعرفة والأدوات لفحص من يستطيع سداد الدفعات من المقترضين وتقدير حجم الخطر. وهنا، يهم التأكيد على أنّ الجهاز المصرفي يستطيع توفير السيولة للمواطنين والمصالح التجارية عند الأزمة، الا أنّه لا يستطيع استبدال المساعدة الحكومية المطلوبة عند وجود أزمة بهذا الحجم. لذلك هنالك أهمية للكفالة الحكومية عند توفير ائتمان للمصالح التجارية الصغيرة في مختلف القطاعات، بنسبة تتلاءم مع المخاطر الناتجة عن الأزمة، كما هو متبع في مختلف الدول.

 للتلخيص، استخدمت الرقابة على البنوك عند بداية اندلاع الأزمة مجموعة كبيرة من الأدوات، قسم منها طبّق للمرّة الأولى، لدعم الجهود المبذولة لتقليص الضرر الذي يمكن أن تلحقه الأزمة بالجهاز الاقتصادي. رغم ذلك، تواجه اليوم العديد من المصالح التجارية والأسر صعوبات كبيرة، والحلول التي يوفرها الجهاز المصرفي يمكن أن تشكل فقط تكملة للمساعدات الحكومية.  

 ستواصل الرقابة على البنوك عملها للحفاظ على استقرار الجهاز المصرفي والحفاظ على أموال الجمهور، وكذلك تمكين البنوك وتشجيعهم على مساعدة الجهاز الاقتصادي من خلال توفير الائتمان وضمان توفير الخدمات المصرفية الحيوية لصالح الجمهور عامةً والجهاز الاقتصادي.

 وفي النهاية، شخصيًّا، أنهي في هذه الأيام خمس سنوات كان لي شرف كبير أن أكون فيها جزء من بنك إسرائيل والعمل على خدمة الجمهور. أشكر العاملين والمديرين في قسم الرقابة على البنوك وبنك إسرائيل كله وأتمنى لهم جميعًا، وللمراقب على البنوك الجديد، يئير افيدان، مواصلة عملهم كالمنارة والحفاظ على مهنيتهم في المجال الاقتصادي، لمصلحة الجهاز الاقتصادي الإسرائيلي. ​ ​​​