انا أنهي فترة ولايتي كمحافظة مع الشعور العميق بالرضى والفخر الكبير على الإنجازات الكثيرة في كافة مجالات عمل البنك:
الجهاز الاقتصادي بوضع جيّد ومستقر بفضل السياسة النقديّة وهذا ليس أمرًا مفهومًا ضمنًا، في الفترة التي اجتازت فيها العديد من الأجهزة الاقتصاديّة ركودًا ومستوى عالٍ من البطالة، نحن تمتعنا بنمو جيّد، بطالة منخفضة، زيادة في الأجور، واستقرار في الأسعار إلى جانب نظام مالي مستقر. في بداية فترة ولايتي، أثارت السياسة النقديّة الكثير من العناوين بعد أن قمنا بخفض الفائدة إلى مستوى قريب من الصفر، وهذا لم يحدث من قبل في إسرائيل اطلاقًا، كما تخيّل لنا أنّنا سنضطر إلى اتخاذ خطوات غير اعتياديّة.
وأيضًا لاحقًا، حين كان يخيّل للناظر من الخارج أن السياسة تبدو مملة، الا أنّها صيغت، بكل قرار، من خلال نقاشات متعمّقة يمكن اعتبارها مثالا يحتذى به من حيث طريقة اتخاذ القرار في مجالات عديدة أخرى. تمّت صياغة السياسة بحيث تدعم الجهاز الاقتصادي، استقرار الأسعار، النّمو والتشغيل. في الفترة القريبة ستواجه السياسة النقديّة بداية عمليّة التسوية، كنت آمل أن أتمكّن من تنفيذ الخطوة الأولى في هذه العمليّة، لكن بالنسبة للمرحلة القادمة في التاريخ النقدي للاقتصاد الإسرائيلي سأضطر لمراقبتها من الجانب.
إلى جانب سياسة الفائدة واصلنا العمل على اعتدال القوى لزيادة قيمة العملة من خلال شراء العملة الأجنبيّة. وتعزّزت الحاجة للتفكير مجدّدًا بشأن طريقة إدارة الاحتياطي. قدنا مسارًا رياديًّا حظي باعتراف دولي، قمنا في إطاره بشكل تدريجي بتوسيع أنواع الأصول والأسواق الماليّة التي يستثمر فيها الاحتياطي.
إجتزنا طريقًا طويلا، سويًّا مع الشركاء، لخلق البنية التحتيّة لزيادة المنافسة في الجهاز المصرفي، من خلال ملاءمة القواعد التنظيميّة، التعديلات القانونيّة، والدفع باتّجاه إقامة منصات وبنى تحتيّة لتعزيز المنافسة. بعض الأمثلة المركزيّة على ذلك، نحن نعمل على إقامة نظام مشاركة معطيات الائتمان والذي سيرى النور في غضون بضع أشهر، أطلقنا مشروع "خدمات مصرفيّة مفتوحة" API، كما نعمل بجهد على إطلاق مشروع الانتقال من بنك إلى بنك.
في الأشهر الأخيرة، يتقدّم تطبيق توصيات لجنة تعزيز المنافسة في الجهاز المالي بزخم، وبالأخص انّ واحدة من شركات بطاقات الائتمان قد بيعت.
لقد وجدنا التوازن المطلوب بين الحاجة إلى تعزيز المنافسة وضرورة الحفاظ على أداء النظام واستقراره، الذين يحظيان بطبيعة الحال بحجم أصغر في الجهاز السياسي.
هنالك من يعتقدون أنّ توصياتنا في مجال السياسة الماكرو اقتصاديّة قد بقيت على الورق فقط. بطبيعة الحال لم تحظى دائمًا كل التوصيات على الدعم من المستوى السياسي، ولم تطبّق دائمًا بحذافيرها وبشكل كامل. مع ذلك، ساهمت التوصيات، بحسب تقديري، في عدم تجاوز العجز المستوى المقبول، بالأخص حين لم يتم تنفيذ تخفيضات ضريبيّة، على أساس مدخولات أحاديّة، والتي كانت تلزم بالعودة لزيادة الضرائب حين يتّضح أنّ التخفيضات الضريبيّة غير مستدامة، أو تقليص الخدمات العامّة أكثر، التي تعتبر أصلا متواضعة نسبيًّا والتي تقدّمها الحكومة للمواطن. في مجال الخدمات العامّة وجودة البنى التحتيّة، طرحنا بشكل مكثف من خلال الأبحاث والمناقشات مع الجهات الحكوميّة والتقارير والمحاضرات، التحديات العديدة: الحاجة إلى تحسين البنى التحتيّة للجهاز الصحي والاستعداد للانخفاض في أعداد الأطباء وشيخوخة المواطنين، ضرورة تحسين جودة المعلمين وتحفيزهم على العمل في المدارس الضعيفة في المناطق النائية جغرافيًّا واجتماعيًّا، حقيقة أنّه في حال لم نمنح كل مواطن المهارات المطلوبة لن نتمكن من تجهيز أبنائنا لسوق العمل المستقبلي، والحاجة بالاستثمار في المواصلات العامّة. كل هذا يشكل الأساس لضمان النمو الشامل والمستمر على مدار السنوات.
حول الحاجة لصياغة سياسة شاملة ومستدامة تحدثت للمرّة الأولى حين تمّ تعييني للمنصب في بيت رئيس الدولة قبل خمس سنوات. بفضل عملنا المكثف على هذا الموضوع، فانّ فكرة أنّ المفتاح لذلك منوط بزيادة الانتاجيّة تغلغلت أيضًا لدى المؤتمنين على السياسة. في قسم من المواضيع تمّ احراز تقدّم فعلي، مثلا، الحكومة تبنت توصيتنا بزيادة منحة العمل، وفي مواضيع أخرى، تمّ تشكيل طواقم عمل حكوميّة (في قضايا الانتاجيّة، الصناعة، تقليص البيروقراطيّة)، لكن الطريق لمعالجة التحديات المركزية في الأعمدة الثلاثة لتحسين الانتاجيّة- التعليم، الاستثمار بالبنى التحتيّة وتنجيع الشؤون التنظيميّة، لا تزال طويلة.
نعم، ليس في كل المواضيع نجحنا بالإقناع. القاسم المشترك لهذه المواضيع التي لم يتم العمل عليها بعد، هو صعوبة رؤية الفائدة بشكل فوري، فلا يوجد بها عائدًا سياسيًّا، رغم أهميتها الكبيرة على المدى البعيد ولترسيخ الاستقرار.
لم ننجح مثلا بالإقناع بضرورة رفع جيل التقاعد، رغم أنّ الحاجة لذلك واضحة للجميع، وكذلك فانّ القانون لإقامة لجنة للاستقرار المالي، لم يشرّع بعد رغم الأهميّة القصوى لهذا القانون.
لقد اجتزنا طريقًا طويلا لصياغة القانون، لكنّي مضطرة لأن أراقب تشريعه وإقامة اللجنة عن بعد كمواطنة.
خلال السنوات الأخيرة، أطلقنا وأدخلنا للتداول تدريجيًّا سلسة العملات الورقيّة الجديدة. هذا بالطبع موضوع يجذب الكثير من الاهتمام، بسبب الجوانب الثقافيّة المرتبطة به، لكن مجرّد انتاج وتزويد العملات يحتاج إلى الكثير من العمل المهني، في السنوات الأخيرة عمل بنك إسرائيل على موضوع الأمان في العملات الورقيّة من خلال دمج علامات امان من الأكثر تقدّمًا في العالم، إلى جانب تخطيط
دقيق لوتيرة ادخال العملات للتداول– ودون أن ننتبه فانّ العملات القديمة اختفت تقريبًا من جيوبنا واحتلت مكانها سلسلة الشعراء.
العملات الورقيّة والمعدنيّة لا تزال معنا، لكن عالم وسائل الدفع آخذ بالتطوّر. واصلنا إزالة العوائق التي حالت دون تطوّر أنظمة الدفع، والتخطيط لسوق الدفع المستقبلي، والطريقة التي سيخدم بها الجهاز الاقتصادي والمواطنين على أحسن وجه.
وبشأن بنك إسرائيل ذاته، فانّ إدارة البنك من حيث الثورة البشرية والبنية التحتيّة المالية والتكنولوجيّة اجتازت في السنوات الأخيرة ليس أقل من ثورة، من منطلق الايمان أنّ المورد الأكثر أهميّة لبنك إسرائيل هو رأس المال البشري فيه، أي موظفيه ومديريه، قمنا بتطوير العديد من المسارات، قسم منها مبتكرة، في تجنيد وإدارة الموظفين وتحسين كفاءاتهم وملاءمتها للتحديات التي ستقف أمام بنك إسرائيل في المستقبل.
قمنا أيضًا بمعالجة المباني والبنية التحتية للبنك، قمنا بتحسين بيئة العمل في مباني البنك في تل أبيب، افتتحنا مركز زوار يثير الاعتزاز والذي يروي القصة التاريخيّة والمعاصرة لبنك إسرائيل، قمنا بترميم المبنى في القدس وهو على وشك إنهاء العمل، أيضًا فيما يتعلق بهذا المبنى أستطيع فقط مراقبة المبنى المتطوّر من الخارج، لكن دخولي إليه سيكون فقط كزائرة.
انا متأكدة أنّ العاملين في بنك إسرائيل يأملون بالانتقال خلال الأسابيع القريبة إلى مبنى مجدّد، عصري، آمن، مع بيئة عمل مريحة وداعمة، استمتعوا بذلك.
حظيت بالعمل على رأس مؤسّسة مع أشخاص رائعين، عاملين ومديرين ملتزمين كليًّا بالعمل المهني بالمستوى الأعلى، يخدمون الجمهور بكل حواسهم. كل ما أنجزناه كان بفضلهم وبفضلكم. وقبل أن أنهي أود أن أشكر من صميم قلبي كل من كان شريكًا للدرب التي اجتزناها هنا في الخمس سنوات الأخيرة:
لأعضاء إدارة البنك، الذين قادوا، كل واحد في مجاله، العمل المهني للعاملين الرائعين في هذه المؤسّسة المميّزة.
شكر خاص لحيزي، الذي كرّس نفسه بالكامل بمهنيّة والتزام عميق لإدارة البنك بكافة الجوانب، ودفع المشاريع المركبة التي أخذناها على عاتقنا قدما، وعلى رأسها مشروع ترميم المبنى، وقيادة إقامة نظام مشاركة معطيات الائتمان والذي يعتبر مشروعًا قوميًّا بحجم كبير لم يعرفه بنك إسرائيل من قبل. وكذلك معالجة كل ما يتعلق بعلاقات العمل في البنك.
لندين، على شراكتها في إدارة السياسة النقديّة والحفاظ على الاستقرار المالي، إلى جانب أخذ المسؤولية بخصوص مواضيع لم يتم التطرق اليها كثيرًا لكن أهميّتها كبيرة، مثل العلاقات الاقتصاديّة مع السلطة الفلسطينيّة، الاستعداد لإقامة صندوق الثروات، وأيضًا الدور الهام الذي أدّته في صياغة نظام مشاركة معطيات الائتمان وغيره.
لحدفا بار، التي استلمت منصبها كالعاصفة، وتعمل بجهد كبير على دفع الإصلاحات التي ستغيّر وجه الجهاز المصرفي قدما، ولدودو من قبلها، والذي صب اهتمامه لصالح زبائن الجهاز المصرفي على المدى القريب والبعيد.
لاندرو أفير الذي اهتمّ بنهجه الهادئ أن يدار احتياطي دولة إسرائيل بطريقة مهنيّة وحذرة لكن أيضًا بشكل يعود بالفائدة في الفترة التي كان فيها الدمج ما بين الإدارة المحافظة والعائد الجيّد هو أمر يثير التحدّي بشكل خاص.
لميشيل ستربتشينسكي وقبله نتان زوسمان اللذين عملا على تطوير أبحاثنا وطرق التحليل، وقاما بإثراء المعرفة المهنيّة في العديد من المجالات لتصل للمستوى القائم في أكثر البنوك المركزيّة تقدّمًا، وعملا على ترسيخ مكانة بنك إسرائيل كهيئة أبحاث، تحليل وسياسات اقتصاديّة، الرائدة في إسرائيل.
لبنينا كيرن التي قادت تحولا كبيرًا في التعامل مع العاملين في البنك، وفي إدارة وتجنيد القوى العاملة وتحسين المهارات.
لتيدا شمير، الحارسة الحريصة والمستشارة في كل موضوع، والتي حفّزتنا على إعادة النظر فيما يتعلق بطرق تفكيرنا في كل يوم من جديد.
لايال روزن، الذي يعمل على تحسين الأنظمة الاحصائيّة للمستوى المهني الأعلى.
لأفنير زيف، الذي يحرص على أن نكون أيضًا في التكنولوجيا الأوائل في مجالنا.
لعيريت مندلسون، التي تعمل على تشغيل البنية التحتيّة الأساسيّة للنظام المالي في إسرائيل.
لإيلان شطاينر الذي يهتم في أن تكون كل عملة من ال 600 مليون عملة المتداولة ذات موثوقيّة وبجودة عالية.
لشاي روزنشتوك، المراقب الداخلي، الذي يهتم أن نعمل جميعنا كما ينبغي وأن نسعى للأفضل.
لإيال حدد، رئيس لجنة العمال الذي عرف كيف يقود اللجنة لإدارة عمليّة ومسؤولة، مع خلق علاقات مبنيّة على الثقة، والبحث عن طرق ابداعيّة للتغلب على الخلافات لمصلحة البنك والعاملين فيه.
للمجلس الإداري الأوّل، برئاسة دان بروبر، الذي بنى أسس عمل المجلس الإداري، وللمجلس الإداري الحالي، برئاسة بروفيسور شوقي شمير، والذي يعمل منذ شهر آذار على تحسين الإدارة في البنك من أجل تمكين البنك من أداء دوره الهام لصالح اقتصاد دولة إسرائيل والجمهور.
لأعضاء اللجنة النقديّة في الماضي والحاضر، الذين حفّزوا على التفكير بخصوص كل جانب من جوانب السياسة النقديّة، وحرصوا على أن تكون النقاشات مميّزة، وحتى حين نشبت خلافات، والتي لم تكن بالقليلة، كان واضح تمامًا أنّ كل المواقف التي شكّلت كانت موضوعيّة جدًّا تعكس تقييم مختلف لدى الأعضاء بشأن الاعتبارات المختلفة التي تخدم جميعها الجمهور.
ولكل طاقم مكتبي الذي رافقني بكل لطف وفائدة:
لايدي ازولاي الذي كان رئيسًا لطاقم مكتبي في بداية الطريق، وعاد إلى وظيفته في الأشهر الأخيرة بدافع الرغبة بالمساعدة، ولداني ححياشفيلي الذي أدّى هذه الوظيفة لأربع سنوات، الاثنين، كل واحد بطريقته، ساعداني ودعماني في كافة الأعمال داخل البنك وخارجه.
ليوآف سوفير الناطق بلسان البنك الذي لم يهتم فقط بالعمل الدقيق على نشر رسائلنا في كافة المجالات، الا أنّه أيضًا عرف في أكثر من مرّة كيف يصيغ ما أوّد قوله أفضل مني، لرونيت كوهين، مديرة مكتبي، التي أدارت المكتب بنجاعة ومهنيّة وإخلاص، واهتمت سويًّا مع بقيّة الموظفات في المكتب بكافة التفاصيل الصغيرة كالكبيرة، وللطلاب الجامعيين الذين ساعدوا في اتاحة المضامين للجمهور بصورة واضحة، ولنؤور الذي أوصلني لكل مكان بهدوء وامان.
ولكل العاملين في البنك والمديرين على المهنيّة، الاخلاص، الاستقامة والالتزام لتحقيق رؤية بنك إسرائيل في أن يكون بنك مركزي متقدّم يساهم في ازدهار اقتصاد دولة إسرائيل ومواطنيها.
وأيضًا شكرين اثنين أخيرين:
لستنلي فيشر الذي جاء لهذه الأمسية، رجل عظيم، تعلمت منه الكثير في السنوات التي عملنا فيها معًا، آمن بي وبقدرتي على أداء الوظيفة أكثر مما امنت بنفسي.
أريد أن أنهي كلمتي بشكر لعائلتي، لأمي دوروتا التي أهملتها قليلا في السنوات الأخيرة، لأختي عنات على نصائحها الجيّدة صباح كل يوم سبت، لزوجي شاؤول وأبنائي مايا وميخائيل والذين لولا وجودهم كمجموعة دعم على مدار سنوات عديدة، رغم تخوفهم من الانكشاف على الملأ، لم يكن بمقدوري تكريس هذه السنوات الخمس بشكل مطلق لأداء منصبي الذي أغادره الان.
أود أن أشكر كل من شارك في تنظيم هذه الأمسية المميّزة.
وأمنيتين بالنجاح:
لندين التي ستقوم بدور محافظ البنك في الفترة القريبة حتى استكمال عمليّة التعيين واستلام المحافظ الجديد للمنصب- بالنجاح. هذه مرحلة ليست سهلة، أنا أعرف، مررت بذلك.
وللمحافظ القادم امير يرون، أتمنى لك نجاحًا كبيرًا في قيادة هذه المؤسّسة المميّزة، بكافة العاملين فيها الذين يخدمون الجمهور بإخلاص ويعملون يوميًّا ساعة بساعة على تحقيق رؤية البنك لصالح اقتصاد دولة إسرائيل ومواطنيها.