• على إثر أزمة الكورونا والتقييدات على الحركة والعمل التي فرضت منذ منتصف شهر آذار 2020، طرأ انخفاضًا في نشاط الجهاز الاقتصادي. خلال هذه الفترة وحتى منتصف شهر نيسان 2020 سجّل انخفاضًا بنحو 50% في اهتمام الجمهور باستئجار شقة مقارنةً بنفس الفترة من العام الماضي، وبالمقابل انخفض أيضًا عدد الإعلانات عن شقق للإيجار والتي نشرها المؤجّرون. مع ذلك، في الأسبوعين الأخيرين من شهر نيسان 2020 سجّل انتعاشًا كبيرًا سواء من قبل المستأجرين وكذلك المؤجّرين مع العودة لمستوى شبيه لما كان عليه الوضع ما قبل فرض التقييدات. 
  • وبالمقارنة ما بين المدن المختلفة، فانّ الانخفاض الأكثر حدّة في عدد إعلانات التأجير، أكثر من النصف مقارنةً بالفترة التي سبقت فرض التقييدات، سجّل في القدس، أمّا المدينة الاستثنائية الرئيسيّة فهي تل أبيب والتي سجّل فيها ارتفاعًا كبيرًا في عدد الشقق المعروضة للإيجار منذ منتصف شهر آذار، على ما يبدو، على إثر الإنخفاض في الطلب السياحي على شقق Airbnb وانتقال هذه الشقق إلى سوق الإيجار المحلي. 
  • فيما يتعلق بأسعار الإيجارات، فلم يسجّل اعتدالا في أسعار الشقق المطلوبة للاستئجار، على الأقل حتى الآن. مع ذلك، سجّل في تل أبيب انخفاضًا بنحو 15% في سعر الاستئجار بعد فرض التقييدات على الحركة، لكن هذا الانخفاض هو من مستوى أسعار مرتفع نسبيًّا، واليوم عاد سعر الشقق المطلوبة للاستئجار تقريبًا إلى مستواه كما كان قبل عام.  

مقدّمة

أدّى انتشار فيروس كورونا وأبعاد الخطوات التي اتخذت لمواجهته إلى أزمة اقتصادية، وإلى عدم يقين مرتفع من المعتاد. ويتابع بنك إسرائيل بشكل متواصل التطورات الاقتصادية المختلفة في الجهاز الاقتصادي، وتمّت لهذا الغرض صياغة مؤشرات سريعة في مجالات مختلفة والتي تساعد على اتخاذ القرارات المتعلقة بالسياسات في البنك وأداء دوره كمستشار اقتصادي للحكومة. 

وللحصول على صورة للوضع بشأن التطورات الأخيرة في سوق الإيجارات السكنيّة، سنستعرض مؤشرات سريعة للطلب الاستشعاري، العرض وسعر الإيجار مع التصنيف الجغرافي وبوتيرة أسبوعية. مؤشرات Google Trends للبحث عن شقق للإيجار تعتبر مؤشرًا للطلب الاستشعاري، في حين أنّ العرض يتمثّل بعدد إعلانات الشقق للإيجار المعروضة عبر الانترنت، ويتم بالاعتماد على ذلك، اشتقاق المؤشرات لتطوّر أسعار إيجار الشقق.[1]

العرض: الإعلانات عن شقق للإيجار

 يتمثّل العرض بعدد الإعلانات الجديدة للشقق المعروضة للإيجار عبر الانترنت[2] (شقق بحجم 1.5-5 غرف). وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد الإعلانات يمتاز بسلوك موسمي، حيث يبلغ الركود بشكل عام ذروته في شهر نيسان. وبناءً عليه، ففي سياق الأزمة الحالية، فانّ الارتفاع في عدد الإعلانات في الفترة الأخيرة يدل على ارتفاع غير مألوف في العرض ويدعم التوقعات بانخفاض سعر إستئجار الشقق.   

يعرض الرسم البياني 1 المعطيات من بداية السنة وفي الفترة المقابلة من العام الماضي، بوتيرة أسبوعية وبتصنيف جغرافي بحسب مناطق دائرة الإحصاء المركزية.  وبشكل عام، في الأسابيع الأربعة التي تلت فرض التقييدات على الحركة والعمل في منتصف شهر آذار، طرأ انخفاض في عدد الإعلانات الجديدة بنحو 30-40% في غالبية المناطق، لكن في الأسبوعين الأخيرين، 12-25 نيسان، يلاحظ ارتفاع كبير في العرض. المدينة الاستثنائية البارزة هي تل أبيب والتي زاد فيها العرض منذ شهر آذار، وذلك بخلاف السلوك الموسمي الذي كان يتوقع بحسبه تسجيل انخفاض عام في العرض في هذه الفترة.

كما ذكر أعلاه، فانّ المدينة الاستثنائية البارزة هي تل أبيب، وبشكل أقل أيضًا القدس ومنطقة الجنوب. في تل أبيب، يلاحظ ارتفاعًا حادًّا في عدد الإعلانات الجديدة ، وبشكل تراكمي، منذ فرض التقييدات على الحركة، تمّ نشر إعلانات أكثر ب 67% مقارنةً بالفترة المقابلة من العام الماضي. وعلى ما يبدو يعكس الأمر انتقال شقق Airbnb المخصّصة بغالبيتها للسائحين إلى سوق الإيجار المحلي، كما جاء في الصحافة.[3] يدعم هذا التطوّر التوقعات بانخفاض أسعار الإيجار في تل أبيب.

الطلب الاستشعاري: معطيات Google Trends

لفحص التطورات في الطلب الاستشعاري على سوق الاستئجار، استخدمنا مؤشر Google Trends لمعدل البحث عبر الانترنت عن تعابير تعكس الاهتمام في سوق الاستئجار.[4],[5] ومن المهم التشديد على أنّ المؤشر لا يقيس بشكل مباشر مستوى الطلب على الاستئجار وانّما البحث عن شقق للاستئجار عبر الانترنت مقارنةً بكلمات البحث عامةً، لذا فانّنا نتعامل معه كمؤشر استشعاري وليس مؤشرًا مباشرًا للطلب.

يستعرض الرسم البياني 2 المؤشر بوتيرة أسبوعية منذ بداية السنة وحتى الأسبوع الذي ينتهي ب 25 نيسان، ولغرض المقارنة، يستعرض أيضًا تطوّره في الفترة المقابلة في السنة الماضية.  وقد تمّ إبراز المعطى للأسبوع الذي سبق فرض التقييدات على الحركة والعمل، من 8 حتى 14 آذار. وتظهر المعطيات أنّه حتى فرض التقييدات على الجهاز الاقتصادي فانّ تطوّر المؤشر كان شبيهًا بتطوّره في العام الماضي. ومع فرض التقييدات، يبرز الانخفاض في الطلب في الأسابيع الأربعة التالية حتى نحو 50% مقارنةً بالفترة المقابلة من العام الماضي. لكن في الأسبوعين الأخيرين، يلاحظ أن السوق يتعافى. هذه المعطيات ترمز إلى أنّه في الأيام الأخيرة فانّ الجو العام للخروج من الإغلاق، أدّى إلى عودة المستأجرين للبحث عن شقق على ضوء العودة لفتح الجهاز الاقتصادي تدريجيًّا.

السعر المطلوب

يمكن الحصول على مؤشر للسعر من سعر الإيجار المطلوب في إعلانات تأجير الشقق. بالطبع فانّ هذا ليس السعر الذي تتم فيه الصفقة، وانّما السعر الذي يطلبه أصحاب الشقق وهو يعد سعر البداية للتفاوض ما بين المؤجّر والمستأجر. مع ذلك، معاينة تطور سعر الإيجار المطلوب تظهر أنّه مؤشر للسعر الذي سيحدّد. وبشكل خاص، فانّ التغيير في السعر المطلوب يتلاءم مع التغيير في السعر الفعلي في العقود الجديدة في الشهر التالي.

من أجل قياس معدّل التغيير على سعر إيجار الشقة يجب فحص شقق ذات خصائص شبيهة. لذلك فانّ التحليل يتمحور حول شقق بحجم 2.5-3 غرف[6] في مناطق مختلفة. يستعرض الرسم البياني 3 متوسط سعر إيجار الشقة المطلوب في مناطق مختلفة منذ بداية العام، ولغرض المقارنة يعرض أيضًا تطوره في الفترة المقابلة من العام الماضي.[7] بشكل عام، باستثناء منطقة تل أبيب، لم يلاحظ تطوّر استثنائي في السعر في مختلف المناطق، وفي عدد من المناطق فانّ السعر المطلوب كان حتى أعلى مّما كان عليه الوضع في السنة الماضية.

بالنسبة لتل أبيب، صحيح أنّ هنالك انخفاض حاد بنحو 15%، الا أنّ هذا الانخفاض هو من مستوى أسعار مرتفع نسبيًّا، وفي الأسابيع الأخيرة فانّ مستوى السعر المطلوب يعادل ما كان قائمًا في السنة الماضية. من المرجح أن يكون الارتفاع في السعر في تل أبيب عشية الإعلان عن الإغلاق، وإلى حد ما في القدس، نابعًا عن دخول شقق سياحيّة (Airbnb) إلى السوق، والتي تكون جودتها بشكل عام أعلى من الشقة العادية،

لذا فانّ السعر المطلوب يكون أعلى. مع ذلك، فانّ الارتفاع في السعر لم يكن مصحوبًا بارتفاع في عدد الإعلانات في نفس الفترة (الرسم البياني 1).  



[1]     من الجدير بالذكر أنّ المعطيات المعروضة هنا تشير إلى أسعار استئجار الشقق في العقود الجديدة. في الأيّام العادية أسعار استئجار الشقق في العقود القائمة هي صارمة وتحدد في موعد التوقيع على عقد الإيجار. المعطيات المعروضة هنا هي ذات صلة لبند خدمات الإسكان بملكيّة المستأجرين في مؤشر الأسعار للمستهلك (نحو 71% من بند الإسكان و17.2% من المؤشر العام) والذي يقيس تغيّر سعر استئجار الشقة في العقود الجديدة والمجدّدة وليس بند سعر استئجار الشقة الذي يقيس سعر استئجار الشقة في كافة العقود.     

[2]     بالمعدّل منذ بداية السنة يتم الإعلان عن نحو 2000 اعلان جديد أسبوعيًّا. المصدر: هوملي وبنك إسرائيل.

[3]     مؤشر إضافي يدعم ذلك يأتي أيضًا من مؤشرات Google Trends للبحث عن شقق Airbnb في تل أبيب من العالم. والتي انخفضت بشكل حاد منذ منتصف شهر آذار ولم تظهر علامات انتعاش حتى هذه اللحظة.

[4]     يعتمد المؤشر على البحث عن التعابير: "شقق للإيجار"، "يد 2 شقق للإيجار"، "شقق للإيجار يد 2"، "تأجير شقق"، "يد 2 تأجير شقق"، "تأجير شقق يد 2".

[5]     معطيات Google Trends تعرض مدى استخدام كلمات بحث مختارة مقابل مجمل كلمات البحث في جوجل.  

[6]     هذه المجموعة هي ذات قدرة التنبؤ الأفضل لسعر إيجار الشقة الفعلي.

[7]     المعطى القطري هو مؤشر يعتمد على معدّلات التغيير في سعر الإيجار في المناطق المختلفة.​


​​