ويتضمن البحث تحليل مفصّل للتطوّرات في العقدين الأخيرين فيما يتعلق بغالبية المركّبات التي تحدّد تكلفة السفر في المركبات الخاصّة، ويتضح من التحليل أنّ تكلفة السفر بالمركبة الخاصّة انخفضت بشكل حاد في العقد الأخير. ونتج هذا الانخفاض بالأساس عن أنّ تكلفة شراء السيارة انخفضت في العقد الأخير، وذلك جرّاء خفض ضريبة الشراء وارتفاع قيمة الشيكل الحقيقية وخفض الفائدة الحقيقية والتي تحدّد تكلفة رأس المال المطلوب لشراء السيارة. وبشكل أكثر تفصيلا، فانّ الدولة قامت بتقليص الضرائب على شراء مركبة جديدة، ويبلغ اليوم معدّل ضريبة الشراء نحو 60%، في حين بلغ في النصف الأوّل من العقد السابق أكثر من 80%. وفي المقابل، رفعت الدولة الضرائب على المصروفات المتغيّرة وبالذات الوقود، بشكل معتدل، أقل من الارتفاع في دخل الأسر. هذا التغيير في السياسة الضريبية أدى إلى زيادة الطلب على المركبات.
ويشار إلى أنّ دخول المركبات الهجينة والكهربائيّة من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض إضافي في تكلفة السفر وبالتالي تشجيع السفر بالمركبات الخاصّة. فبحسب الوكالة الأمريكية لحماية البيئة، يصل التوفير في الوقود في المركبات الهجينة إلى 30% وأكثر، وبحسب الاختبارات الميدانية يصل إلى 20%-35%. ويذكر أنّ وتيرة دخول هذه المركبات إلى السوق سريعة، ففي النصف الأوّل من العام 2018 كانت نسبة المركبات الهجينة من مجمل المركبات الجديدة أكثر من 15%، مقابل 4% فقط عام 2016، وبناءً عليه هنالك حاجة لتغيير السياسة، من خلال زيادة تكلفة السفر بالمركبة الخاصّة وتحسين البنى التحتية للمواصلات العامّة بهدف تشجيع تقليص استخدام المركبات الخاصة.
إلى جانب تأثير السياسة الضريبية وخفض أسعار المركبات المستوردة، فانّ الازدحام في الشوارع ازداد حدّة في العقدين الأخيرين أيضًا بسبب ارتفاع مستوى المعيشة واتساع التشغيل مقابل التوزيع الجغرافي للسكان. عدد المركبات في إسرائيل ارتفع في العقدين الأخيرين بأكثر من 50%، من نحو 210 مركبة لكل ألف شخص في عام 1998 إلى 320 مركبة لكل ألف شخص في عام 2017. وارتفع أيضًا معدّل السفريات للشخص بالمركبة الخاصة في نفس الفترة بشكل مشابه، بنحو 45%. كما أنّ اتساع التشغيل مقابل التوزيع الجغرافي للسكان ساهم بدوره في الازدحام، جرّاء اتساع ظاهرة السفر الثابت بين البلدات ما بين البيت والعمل، ففي حين أنّ هذه الظاهرة شملت قبل عقدين ما يقارب 45% من العمّال في إسرائيل، فإنّها تشمل اليوم ما يقارب 55% منهم.
ورغم الزيادة في الطلب على السفر بالمركبات الخاصة، ومساهمة السياسات المتبعة في ذلك، فانّ الاستثمار في البنى التحتية للشوارع بقي مستقرًّا نسبةً للناتج على مدار العقدين، وهو غير كافٍ لضمان عدم زيادة الازدحام على الشوارع أو على الأقل عدم تجاوز الحد الذي تنخفض فيه نجاعة الشارع بشكل كبير.