يقولون أنه كان تضخماً مفرطاً حدث هنا
ارتفعت أسعار المنتجات والخدمات بوتيرة مذهلة؛ وأدى التهافت على المنتجات والاستثمار في العملات الأجنبية إلى زيادة أخرى في الأسعار وبدأت حالة من التضخم المفرط بمئات النسب المئوية؛ حتى جاءت "خطة الاستقرار"
تضخماً مفرطاً؟ في اسرائيل؟
يعتبر التضخم في الفترة الأخيرة ظاهرة جديدة نسبياً، جاءت بعد أكثر من عقدين من السيطرة على ارتفاع الأسعار. لذلك، ليس من المستغرب أن يجد صغار السن منا صعوبة في تصور الاقتصاد الإسرائيلي وهو يتقلب ويعاني من معدلات تضخم تصل إلى مئات النسب المئوية. من بين سيناريوهات التضخم المختلفة التي عرفها الاقتصاد الإسرائيلي، تعتبر فترة حرب يوم الغفران واحدة من أهم المنعطفات في تاريخ الاقتصاد. بعد الحرب، دخلت البلاد في أزمات عديدة، من ضمنها أزمة اقتصادية عميقة نجمت عن عوامل كثيرة، من بينها: النفقات الكبيرة بسبب الحرب، والركود الناجم عن تجنيد العديد من العمال لفترات طويلة، وزيادة القروض الحكومية، وغير ذلك. وأدى كل ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى معدلات تزيد عن 10% أثرت سلباً على النظام الاقتصادي المحلي. استهل الاقتصاد الإسرائيلي ثمانينيات القرن الماضي بتضخم مفرط بلغ مئات النسب المئوية. ماذا الذي يعنيه ذلك؟ أن أسعار المنتجات والخدمات ارتفعت بمعدل سريع وغير متوقع. على سبيل المثال، إذا دخلت سوبر ماركت في عام 1981 واشتريت كيلوغرامًا من البندورة والخيار وكيلوغرامًا من اللحوم الطازجة وخبزاً وعلبة مربى، كنت ستدفع مقابلها 120 شيكلًا (المقصود هنا الشيكل القديم. 120 شيكلًا قديمًا هي في الواقع 12 أغورة بالشيكل الجديد). وبعد ذلك بعام، في عام 1982، ارتفع سعر سلة المنتجات نفسها إلى 229 شيكلًا؛ وفي عام 1983 قفزت التكلفة إلى 618 شيكل (!).
كيف أثر الارتفاع الحاد في الأسعار على النظام الاقتصادي الإسرائيلي؟
نتيجة للأزمة، سارع مواطنو الدولة إلى المتاجر لشراء المزيد من المنتجات واستخدام أموالهم قبل أن تفقد قيمتها. وفي الوقت نفسه، اشترى الكثيرون عملات أجنبية من أجل الحفاظ على قيمة الأموال. التهافت على المنتجات والاستثمار بالعملة الأجنبية عزز ارتفاع الأسعار والتضخم. وصل التضخم إلى ذروته في عام 1984، حيث بلغ معدل التضخم السنوي 445%. وبعبارة أخرى، ارتفعت الأسعار خمس مرات ونصف في المتوسط خلال عام واحد فقط.
كيف تم كبح التضخم؟
في أعقاب الأزمة، تم في عام 1985 تطبيق خطة الاستقرار الاقتصادي. وتضمنت الخطة عدة عناصر أبرزها تجميد سعر الصرف والأسعار والأجور لفترة طويلة، إضافة إلى الحصول على منحة من حكومة الولايات المتحدة ساعدت في مواجهة العجز الضخم الذي عانت منه البلاد. بعد سنوات من التضخم المفرط، وصلت أسعار معظم المنتجات وحتى الأساسية منها إلى آلاف الشواكل. فمثلاً بلغ سعر لتر البنزين في عام 1985 نحو 800 شيكل، وسعر لتر الحليب حوالي 280 شيكل. لذلك وبعد خطة الاستقرار "تم طرح ثلاثة أصفار من العملة" - وتم استبدال الشيكل القديم بالشيكل الجديد، بحيث يساوي كل شيكل جديد ألف شيكل قديم. منذ تطبيق خطة الاستقرار وحتى منتصف التسعينيات، بلغ معدل التضخم في النظام الاقتصادي حوالي 20 في المائة. في بداية التسعينيات، بدأ بنك إسرائيل في تبني سياسة "هدف التضخم"، والتي حددت الحكومة وبنك إسرائيل بموجبها في بداية كل عام هدفًا سيحاول بنك إسرائيل توجيه التضخم نحوه. وعلى مر السنين انخفض هدف التضخم، ومعه التضخم الفعلي، حتى تم تحقيق استقرار للأسعار في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتم تحديد هدف طويل المدى للتضخم يتراوح بين 1-3 في المائة سنويا. هذا الهدف، والذي يماثل ويتطابق أحياناً مع هدف التضخم في معظم الدول المتقدمة، هو الذي يوجه بنك إسرائيل منذ ذلك الحين. في السنوات الأخيرة، يواجه بنك اسرائيل، مثل العديد من البنوك المركزية الأخرى، تضخماً أقل من الهدف بقليل.
في وسط الصفحة الرئيسية لموقع بنك إسرائيل يمكن رؤية معدلات تغير التضخم خلال فترات زمنية مختلفة.