احتياطي النقد الأجنبي والجهاز الاقتصادي المحلي

يدير بنك إسرائيل أكثر من مائتي مليار دولار من احتياطيات النقد الأجنبي، وذلك بهدف حماية النظام الاقتصادي في أوقات الأزمات. متى يتم استخدام احتياطي النقد الأجنبي، ومن الذي يقرر حجم الاحتياطي الذي يجب الاحتفاظ به، ولماذا لا يمكن استثمار هذا المبلغ في تحسين حياة المواطنين؟

كم؟

يمتلك بنك إسرائيل ويدير أكثر من 200 مليار دولار في الأسواق المالية العالمية.

لماذا؟

لكي يكون لدى الجهاز الاقتصادي الإسرائيلي احتياطيات من العملات الأجنبية في أوقات الأزمات – الأزمات الأمنية، الأزمات الصحية، الكوارث الطبيعية، أو الأزمات المالية. في كل من هذه السيناريوهات، من المحتمل أن يتعرض الاقتصاد الإسرائيلي لأزمة لا يستطيع بسببها توفير المنتجات والخدمات المستوردة الأساسية بمفرده؛ أو عندما يكون هناك نقص في العملات الأجنبية بسبب تراجع القدرة على التصدير مثلاً. في مثل هذه الحالات، يزداد اعتماد الاقتصاد المحلي على الأسواق الخارجية والعملة الأجنبية (النقد الأجنبي) وقد يؤدي ذلك إلى تفاقم الأزمة. لمنع المزيد من تدهور الوضع، يمكن لبنك إسرائيل توفير جزء من النقد الأجنبي لاحتياجات النظام الاقتصادي من خلال احتياطي النقد الأجنبي الذي يحتفظ به ويديره.

بالإضافة إلى ذلك، قد يفضل المستثمرون المحليون والأجانب في حالات الأزمة الاستثمار في أسواق وعملات أكثر استقرارًا. ونتيجة لذلك، يقل الطلب على العملة المحلية، ويزداد الطلب على العملات الأجنبية، ويتغير سعر الصرف وفقًا لذلك – أي أنك تحتاج إلى المزيد من الشيكل لشراء الدولار/ اليورو/ الجنيه الإسترليني أو أي عملة أجنبية أخرى، وهو ما يعرف بـ "انخفاض القيمة" في سعر الصرف. في مثل هذه الحالة، تزيد تكلفة الواردات مما يثقل كاهل الاقتصاد.

ومن الأمورالأخرى التي قد تحصل في حالة الأزمات حدوث نقص حاد في سيولة النقد الأجنبي، فعلى سبيل المثال ومع اندلاع أزمة كورونا، حدث نقص حاد في الدولارات في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى انخفاض حاد في قيمة العديد من العملات، بما في ذلك الشيكل. ولمنع المزيد من التدهور في قيمة العملة المحلية، تعامل بنك إسرائيل مع أزمة السيولة من خلال تقديم قروض قصيرة الأجل بالعملة الأجنبية مقابل الشيكل.

خلال فترات الانخفاض المستمر لقيمة العملة، يمكن لبنك إسرائيل استخدام احتياطي النقد الأجنبي لضخ العملات الأجنبية في النظام الاقتصادي لزيادة العرض عليها وخفض سعرها مقابل الشيكل. وحتى في الوضع العكسي من التزايد المستمر لقيمة العملة، يمكن لبنك إسرائيل عند الحاجة أن يتدخل ويخفف من معدل الارتفاع.

متى يتم استخدام احتياطي النقد الأجنبي؟

فقط في أوقات الأزمات الحادة كما هو موضح أعلاه. إن الاحتفاظ باحتياطيات من النقد الأجنبي في حد ذاته يزيد من مرونة النظام الاقتصادي، وقد يخفف من حدة الأزمة، أو حتى يمنعها. فعلى سبيل المثال، وبوجود احتياطي كاف من النقد الأجنبي، لن تدفع الشائعات حول توقع انخفاض سعر الصرف المستثمرين إلى التخلي على الفور عن الشيكل والاستثمار بدلاً من ذلك في العملات الأجنبية – وذلك لمعرفتهم بأن النظام الاقتصادي الإسرائيلي مستعد للتعامل مع انخفاض سعر الصرف. من المهم وجود مستوى مناسب من احتياطيات النقد الأجنبي، حتى فيما يتعلق بتقييم النظام الاقتصادي عالمياً - إذ يعتبر الاقتصاد الذي يمتلك احتياطياً كافيًا من النقد الأجنبي أكثر استقرارًا وأقل خطورة بالنسبة للمستثمرين.

من يحدد نسبة احتياطيات النقد الأجنبي التي يحتاجها النظام الاقتصادي، وبناء على أي معطيات؟

من الصعب، بل ومن المستحيل في بعض الأحيان، توقع الأزمات والتحضير لها مسبقا أو التنبؤ بعواقبها. ولذلك، يحدد بنك إسرائيل بشكل دوري المستوى المناسب من احتياطيات النقد الأجنبي المطلوبة، بما يتوافق مع احتياجات الاقتصاد الحالية والمستقبلية. منذ عام 2015 تم تحديد المستوى المناسب في حدود 70 إلى 110 مليار دولار. بموجب القانون، يكون محافظ بنك إسرائيل مسؤولاً عن تحديد المستوى المناسب للاحتياطيات، ولكن يحق للجنة النقدية عند الضرورة، تغيير المبادئ التي يقرر المحافظ بموجبها حجم الاحتياطي، بعد موافقة وزارة المالية.

هل يمكن لاحتياطيات النقد الأجنبي أن تقل عن أو تتجاوز الحجم المحدد؟

من الممكن لاحتياطيات النقد الأجنبي تجاوز حدود المستوى المناسب إذا كان ذلك ضرورياً لتنفيذ السياسة النقدية. منذ عام 2017 على سبيل المثال تجاوزت احتياطيات النقد الأجنبي الحد الأعلى للنطاق (70- 110 مليار دولار)، بعد أن اشترى بنك إسرائيل عملات أجنبية من أجل احتواء ارتفاع سعر الصرف.

كيف يتم تحديد مزيج العملات التي سيتم تضمينها في احتياطي العملات الأجنبية؟

في المرحلة الأولى، يقوم بنك إسرائيل بدراسة متى وكيف قد يحتاج الاقتصاد إلى احتياطي العملات الأجنبية، وبحسب هذه الاحتياجات، يقرر البنك أي من العملات سيتم تضمينها في احتياطيات النقد الأجنبي وبأي قيمة. وفي السنوات الأخيرة وبتقديرات تقريبية، تم استثمار حوالي 60% من احتياطي النقد الأجنبي في الدولار الأمريكي، و35% في اليورو، و2% في الجنيه الإسترليني، و3% في عملات أخرى.

كيف نحتفظ بأكثر من 200 مليار دولار؟

هل تخيلتم مستودعات كبيرة مليئة بصناديق الأوراق النقدية الملونة وأكياس العملات المعدنية اللامعة؟ نأسف لتخييب ظنكم. لا يوجد سوى جزء صغير من احتياطي النقد الأجنبي في إسرائيل نقدًا، ويتم استثمار احتياطيات النقد الأجنبي بشكل رئيسي في الأسواق المالية الدولية.

يتم استثمار الأموال الاحتياطيات في أسواق رأس المال، أولًا وقبل كل شيء، للمحافظة على قيمتها حتى الحاجة إليها. ولذلك فإن معظم الاحتياطيات تستخدم في استثمارات قوية وأصول منخفضة المخاطر، مثل السندات الحكومية. في الواقع، حتى عام 2010، وبموجب "قانون بنك إسرائيل لعام 1954"، سُمح لبنك إسرائيل باستثمار احتياطيات النقد الأجنبي فقط في السندات الحكومية. تم إدخال تغييرات على قانون بنك إسرائيل الجديد تسمح لبنك إسرائيل باستثمار الاحتياطي وفقًا للمعايير ومستويات المخاطر التي تحددها اللجنة النقدية بالتشاور مع وزير المالية.

في السنوات الأخيرة، حدثت زيادة في احتياطيات النقد الأجنبي، بحيث يمكن استثمار جزء منها في مجالات استثمارية طويلة المدى. كلما ارتفع مستوى الاحتياطي، كلما تعززت القدرة على مواجهة الخسائر على المدى القريب؛ وهو الوضع الذي يجعل من الممكن الاستثمار في أصول أكثر تقلباً - مثل سندات الشركات والأسهم - وبالتالي التمتع  بعائدات أعلى على الاستثمار على المدى الطويل. وتنقسم احتياطيات النقد الأجنبي إلى عدة أنواع رئيسية من الأصول: 65 في المائة من الاحتياطي مستثمرة في سندات حكومية وأصول أخرى منخفضة المخاطر، و12 في المائة في الأسهم، و6 في المائة في سندات الشركات، و17 في المائة في أصول أخرى.

لماذا لا يتم استثمار احتياطي العملات الأجنبية في النظام الاقتصادي الإسرائيلي؟

إذا تم استثمار احتياطيات النقد الأجنبي في الاقتصاد الإسرائيلي فإنها ستفقد قيمتها أيضاً في أوقات الأزمات، ولذلك ومن أجل الحفاظ على القوة الشرائية لاحتياطيات النقد الأجنبي لوقت الحاجة، يتم استثمار الاحتياطيات في الأسواق المالية العالمية. ومن المهم أيضًا أن نتذكر أن احتياطيات النقد الأجنبي، مهما كانت كبيرة، لا تعتبر ثروة حقيقية للنظام لاقتصادي، فمقابل العملة الأجنبية التي اشتراها بنك إسرائيل، قام بطبع الشيكل، وهو ما يشكل التزامًا على ميزانية بنك اسرائيل؛ ويختلف هذا على سبيل المثال، عن الوضع في الدول التي لديها "صندوق ثروة" - وهو صندوق لأصول متراكمة تمتلكها ولا تترتب عليها أي التزامات.

بأي وتيرة يتم تحديث قيمة احتياطي العملات الأجنبية؟

بما أن احتياطي العملات الأجنبية يتم استثماره في الأسواق المالية، فإن قيمته تتغير يومياً، بالإضافة إلى تغير قيمته بسبب التغير في مؤشرات البورصة وأسعار صرف العملات المختلفة. ينشر بنك إسرائيل مرة كل شهر القيمة الحالية للاحتياطي بالدولار. وتنشر اللجنة النقدية مرة واحدة في العام تقريراً مفصلاً عن طريقة إدارة الاحتياطيات والعائدات التي تحققت منها وغير ذلك.

تمّ تحديث هذه الصفحة آخر مرّة في تاريخ: 27/09/2023