إدارة السياسة النقديّة
إدارة السياسة النقديّة
بحسب المادّة 4(1) من القانون، فإن إحدى وظائف بنك اسرائيل هي "إدارة السياسة النقدية" وهذا هو مجال المسؤولية الأساسي للبنك ومصدر تأثيره على الجهاز الاقتصادي. الهدف الأساسي لسياسة النقد هو المحافظة على استقرار الأسعار. وبهذا تساعد السياسة النقدية في خلق بيئة تجارية داعمة للتنمية الاقتصادية المستدامة. يعرّف استقرار الأسعار بحسب مستوى التضخم المالي المستهدف، والذي تحدّده الحكومة ضمن سياستها الاقتصادية (منذ العام 1992)، ومهمة السياسة النقدية هي تحقيق هذا الهدف.
من أجل تحقيق مستوى التضخم المطلوب يحدّد بنك اسرائيل مستوى الفائدة. نسبة فائدة منخفضة أكثر من اللازم ستؤدي لفائض في التوسّع ولضغوضات تضخمية، في حين أنّ رفع نسبة الفائدة أكثر مما ينبغي سيؤدي إلى الضبط المفرط للنشاط الاقتصادي. تؤثر السياسة النقدية، من خلال الفائدة، أيضًا على توقعات الجمهور (كأفراد ومؤسسات) فيما يتعلق بمستوى التضخم في المستقبل، حيث يتخذ الجمهور قراراته الاقتصادية بناءً على توقعاته تلك.
تشير التجربة في العالم وفي اسرائيل إلى أن التضخم يسبب اضطرابات في المنظومة الاقتصاديّة الحيوية- الانتاج، الاستهلاك، التجارة الخارجية، التشغيل والأسواق المالية- وبهذا فهو يمس باستقرار النموّ في الجهاز الاقتصادي. من هنا تنبع الأهمية الكبرى التي يوليها بنك اسرائيل (كبنوك مركزية أخرى في العالم) لمكافحة التضخم.
يحدد بنك اسرائيل في كل شهر نسبة الفائدة المطلوبة من أجل الحفاظ على استقرار الاسعار (أو البقاء ضمن المستوى المحدد لاستقرارها خلال فترة زمنية معقولة)، وكذلك من أجل دعم الاستقرار المالي في الجهاز الاقتصادي ودعم أهداف أخرى للحكومة على رأسها التنمية والتشغيل. من اجل اتخاذ هذا القرار، وكأساس لتخطيط السياسة النقدية، يبلور كل من قسم الأبحاث وقسم الأسواق تصورًا لبيئة التضخم والعوامل التي تؤثّر عليها، وذلك بواسطة تحليل المعلومات المتوفرة حول النشاط وسوق العمل والأسعار، وكذلك بواسطة مؤشرات من سوق المال ونماذج تجريبية كميّة تم تطويرها في البنك لتنبؤ مستوى التضخم.
يتم تطبيق السياسة النقدية التي يحدّدها بنك اسرائيل على يد قسم الأسواق من خلال مجموعة من الوسائل النقدية- عطاءات نقدية، عطاءات "مقام" (سندات دين قصيرة الأجل)، وعطاءات "ريبو"- وكذلك بواسطة التدخل عند الحاجة في تجارة سندات ال- "مقام" وسندات الدين في بورصة الأوراق المالية:
عطاءات الودائع و/أو القروض للبنوك- تستعمل كآداة رئيسية لتحقيق السياسة، بفضل الدّقة والسرعة التي تميّز قدرتها على التأثير. من خلالها يستطيع بنك اسرائيل التأثير على المعروض النقدي والفائدة قصيرة الأجل في سوق المال، وكذلك منع التقلبات غير المرغوبة في القاعدة النقديّة نتيجة للتكثيف المؤقت للنشاط المالي للحكومة (جباية الضرائب من الجمهور، تجنيد الأموال، أو المدفوعات في اسرائيل). العطاءات المالية المقدمة للبنوك هي لفترات محدودة ليوم واحد أو أسبوع. مقابل القروض النقدية توفر البنوك ضمانات من سندات الدين الحكومية وسندات ال-"مقام".
قرض ليوم واحد- ابتداءً من 1.9.2005 يوفر بنك اسرائيل للمؤسسات المصرفيّة فرصة لقرض نقدي، بدون تحديد حصّة، بفائدة تصل اليوم إلى 0.25 بالمئة اضافةً إلى فائدة بنك اسرائيل. يمنح القرض ليوم واحد، (overnight) مقابل ضمانات ويتم تسديده اوتوماتيكيًّا في يوم العمل التالي.
وديعة ليوم واحد- ابتداءً من يوم 1.9.2005 يوفر بنك اسرائيل للمؤسسات المصرفية فرصة لوديعة بالشيكل، بدون تحديد حصّة، بفائدة تبلغ اليوم 0.25 بالمئة إضافةً إلى فائدة بنك اسرائيل، الوديعة هي ليوم واحد (overnight)، ويتم صرفها اوتوماتيكيًّا في يوم العمل التالي.
قرض قصير الأجل "مقام"- وهي اوراق مالية يصدرها بنك اسرائيل لفترات قصيرة (حتى سنة) من أجل التأثير على القاعدة النقديّة وعلى الفائدة في سوق المال. بيع سندات ال"مقام" للجمهور يقلل من القاعدة النقديّة، وبذلك يعمل على ضبط النشاط والتضخم، في حين أنّ شراء سندات ال-"مقام" من قبل بنك اسرائيل او تخليص السندات من قبل الجمهور يؤدي لتدفق الأموال إلى السوق، مما يعزز النشاط الاقتصادي. من ناحية تأثيرها على القاعدة النقديّة هذه الآداة شبيهة بعطاءات الودائع للبنوك، ولكن بما انها مخصّصة للجمهور الواسع، ويتم تحديد عائداتها بحسب التداول في البورصة، فهي تعكس توقعات الجمهور حول التضخم في المستقبل والتغيرات في السياسة النقدية. هذه المعلومات التي توفرها الاسواق تساعد بنك اسرائيل في تخطيط خطواته النقدية.
"الريبو"- ابتداءً من 17.10.2007 يجري بنك اسرائيل صفقات من نوع "ريبو" في سوق المال. وذلك بطرحه عطاء يشتري من خلاله البنك سندات حكومية وسندات من مؤسسات استثماريّة ومصرفية ويبيعها مرة أخرى بعد اسبوع بسعر محدّد مسبقًا. (وهي تختلف عن عطاءات "الريبو" التي أصدرها بنك اسرائيل في سنوات 2004-2006، والتي باع فيها سندات "المقام" واشتراها مرة أخرى بعد اسبوع)، "الريبو" هو أحد الأدوات المالية الأكثر أهميّة في الأسواق الدولية، وعدد الصفقات التي تقوم على أساسه في الاسواق المتقدمة في ازدياد مستمر. صفقات من نوع "ريبو" هي احدى الادوات المهمة لإدارة سياسة الفائدة من قبل البنوك المركزية في العديد من الدول. ابتداءً من شهر أيلول 2009 توقف بنك اسرائيل بشكل مؤقت عن اصدار عطاءات "ريبو" بسبب فائض السيولة الكبير في السوق.
الاحتياطي النقدي الالزامي- وهو المسؤولية الملقاة على عاتق البنوك بأن تودع في بنك اسرائيل قسمًا معينًا من أموال ودائع الجمهور. حتى بداية التسعينيات استخدمت التغييرات في نسب الاحتياطي النقدي على يد بنك اسرائيل كأداة لتفعيل السياسة النقدية. الاحتياطي النقدي لم يعد يستعمل اليوم كأداة ديناميكية اضافيّة في السياسة النقدية، ومستواه يعادل ما هو متبع في الدول المتقدمة.